خلال يوم واحد تكررت حوادث قطع الطرقات والثأر، وبدا الأمر كأن الانفلات يستعصى على المواجهة، البعض يسارع باتهام الثورة، ولا ينتبه إلى أن المجتمع كله مسؤول عن هذا التفكك، وأننا فى سياق بناء نظام جديد، علينا أن نضع القواعد ونفرض احترام القانون على الجميع، وعلى هؤلاء الذين يبررون الفوضى أن يكفوا عن تبرير الخروج على القانون.
فى جامعة الدول العربية تشاجر سائق ميكروباص مع قائد سيارة أخرى فأطلق الأخير الرصاص على السائق، تم القبض على المعتدى، لكن السائقين وأهل السائق القتيل قطعوا جامعة الدول العربية ومنعوا المرور فى كل الاتجاهات، واستمر الوضع أربع ساعات وانتهى بعد تفاوض القيادات الأمنية والبرلمانيين مع قاطعى الطريق الذين بدا أنهم لا يريدون انتظار القانون ليأخذ مجراه، أيضاً القاتل لم يفكر فى استدعاء القانون، والسائق كان هو الآخر يرفض الاحتكام للقانون، لأن كلا منهما لم يجد فائدة من استدعاء بوليس أصبح لا يتدخل فى الخلافات.
فى نفس اليوم كان أهالى هرية رزنة بالشرقية قد قرروا تطبيق القصاص على مسجلين خطر قتلا اثنين من أبناء القرية، الأهالى تجمعوا وقبضوا على البلطجيين وقتلواهما ومثلوا بجثتيهما، لم يفكروا فى انتظار القانون.. فى إسنا والعريش وغيرها هناك استسهال لقطع الطرقات تعبيرا عن الحق، وهو التطبيق المتجاوز لحق التظاهر والاعتراض، التظاهر له قواعد لكن هذه القواعد غائبة لدى كثيرين.
هناك شعور بأن من يخرجون على القانون هم من يحصلون على حقهم، ويسارع البعض باتهام الثورة بأنها المسؤولة، بينما كل هذا كان يحدث بشكل صامت، ولم تكن الثورة منشئة وإنما كاشفة عن حجم التآكل فى مؤسسات الدولة، والذين يمارسون قطع الطرقات أو التظاهر من سكان العشوائيات أو العمال أو الموظفين الصغار ينتمون إلى فئات ظلت تعانى الظلم وتجنى ثمار الفساد سنوات، لكنهم يتجاوزون الحق إلى رفض القانون، وهم أيضا يرون أن بعض دعاة الثورة يفرضون وجهة نظرهم كما يرونها، وبعضهم يبرر التجاوز وقطع الطرقات باسم التعبير عن الرأى، هؤلاء يكتبون قانون الفوضى من دون أن يدركوا.
يجب إدانة صاحب السيارة الذى قتل فى خلاف بسيط وأيضا إدانة سائقى الميكروباص الذين أصبحوا يمثلون قوة فوق القانون، يغلقون الطرقات ويخالفون المرور ويرفضون دفع المخالفات، ومعهم كل من يفرض قوته على المجتمع بلا رادع، وفى هرية رزنة حيث قرر الأهالى القصاص بأيديهم، كشف ذلك عن غياب القانون الرادع والعدالة السريعة.
الشرطة لن تكون وحدها القادرة على المواجهة لأن الأمن ينفذ قوانين يضعها المجتمع، ولو تدخلت بالقوة فسوف تجد نفسها متهمة بالعنف.
وعودة الأمن تبدأ من وضع قوانين وتطبيقها على الجميع بدون استثناءات، وإلا فسوف تعم الفوضى التى لن يكسب منها أحد غير الخارجين على القانون.