كان البعض يتخيل أنه بعد عام على تنحى مبارك ستكون الثورة حققت أهدافها، لكن الأمور تبدو أكثر بطئاً، والاختلافات أكثر اتساعاً. جرت انتخابات تم خلالها انتخاب أعضاء مجلس الشعب، وفى الطريق انتخابات الرئاسة، هناك حالة عامة من عدم الرضا بالنتائج التى تحققت، ترجع فى جزء منها للمبالغة فى حجم التوقعات، تصور البعض انقلاب الأحوال سياسيا واقتصاديا خلال شهور، بالرغم من أن الواقع والتاريخ والتجارب يقولون إن الانتقال من نظام لآخر يأخذ سنوات، ولا يمكن القياس على الماضى وحده، وكل تجربة لها خصوصيتها.
الإفراط فى التوقعات ينتج إحباطاً، ونفس الأمر بالنسبة للانتخابات التى أصابت تيارات وائتلافات بالإحباط بالرغم من أنهم لم يبذلوا جهدا لها. وبينما تبدو الأغلبية البرلمانية قادرة على التنسيق والتناغم، لم تتبلور بعد كتلة للنواب الليبراليين أو اليساريين فى مجلس الشعب، هناك نواب لم يتجاوزوا حالة الهتاف والشعارات، ومازالوا يتصرفون بشعور الأقلية، ولم ينجحوا فى تطوير أدائهم من الشارع للبرلمان، ولم نر ترجمة فى تشريعات اجتماعية واقتصادية لمواجهة الفقر، أو تشريعات لاستعادة أموال الدولة المهربة، أو إعادة توزيع الدخل والدعم، ونظام عادل للضرائب.
وخلال عام كان الانشغال بالانتقال بين التصادمات، أكثر من الانشغال بانتقال السلطة، وصلنا إلى جدل العصيان المدنى، وقبله مجزرة بورسعيد ودائرة المظاهرات حول الداخلية، تم نسيان تشكيل لجنة وضع الدستور ونسيان الدستور نفسه، وتبدو المفارقة أن يتجاهل المطالبون بنقل السلطة، أهم ضمانات نقل السلطة وهو الدستور.
كل هذا يتم دون مراجعة الأهداف ومدى الاقتراب والابتعاد عنها.
الدعوة للعصيان جاءت بدون ترتيب وتم تجاهل قطاعات كثيرة من الشعب، منهم سكان العشوائيات والفقراء والعمال وغيرهم ممن يعانون تأثيرات سلبية على حياتهم ولايرون فى العصيان حلا لأزمتهم، أو تحركا يخصهم، ثم إن الدعوة للعصيان تعتبر أحد أعلى درجات الكفاح لكنها تحولت إلى بداية، والطبيعى أنه فى حالة عدم تحقيق أهدافها يكون هناك خطوات أعلى وهو مالم يتم وضعه فى الاعتبار، خاصة أن مطالبها نفس مطالب المظاهرات.
الدعوة للعصيان أقرب لفكر النخبة منها إلى دعوة شعبية، افتقدت للهدف، ولم يفكر أحد فى مراجعتها أو الاستفادة منها، وإذا كانت الأخطاء التى ارتكبتها الإدارة ممثلة فى المجلس العسكرى واضحة، فإن المجلس نفسه يقدم استجابات، منها إعلان التبكير بانتخابات الرئاسة، وتوقف المصادمات مع المتظاهرين، فإن الائتلافات والنشطاء لم يعودوا قادرين على تقديم مبادرات، وبدت المشاركة فى العصيان من البعض نوعا من الإحراج، أكثر منه إقناعا واقتناعا، غير كونه يأتى فى ذكرى اليوم التالى للثورة، ووسط حالة إحباط تحتاج إلى الاتفاق والتنسيق والانتقال إلى الخطوة التالية، بما يمنح أملاً بدلاً من الاستمرار فى الدائرة المقطوعة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال المتولى جمعة
لا للعصيان المدنى