حلمى النمنم

أهالى بورسعيد.. والقصف الإعلامى

الأحد، 12 فبراير 2012 03:51 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما تتعرض له مدينة بوسعيد وأهلها من قصف إعلامى أمر يثير القلق.. وقعت الواقعة فى استاد بورسعيد وفقدنا 74 شابا من أبنائنا وإخواننا، والأمر أكبر من الكارثة وفاجع بكل المقاييس، ومن البداية كانت هناك معالجات خطرة للأمر، وإن تمت بحسن نية وبراءة، فقد تحدث كثيرون فى البرامج الفضائية عما سموه «شعب بورسعيد»، وكأننا بإزاء شعب جديد مستقل عنا، ولد حديثاً، وكأننا بإزاء الشعب المصرى فى جانب وشعب بورسعيد فى جانب.

والحق أن بعض المحافظين فى السنوات السابقة حين كانوا ينشرون إعلانات تأييد لرئيس الجمهورية، كانوا يكتبون محافظ وشعب دمياط يبايعون.. محافظ وشعب الشرقية يهنئون، وهكذا - وكان ذلك من باب النفاق الرخيص والممجوج، لكن استعمال مصطلح «شعب بورسعيد» هذه المرة جاء من باب التخصيص والتمييز، ثم أخذت الشعارات والهتافات خاصة من بعض المعلقين الرياضيين والتى تنطوى على موقف شبه عنصرى من أهالى بورسعيد ومدينتهم.

تطور الأمر وصرنا بإزاء موقف حاد من أهالى بورسعيد حتى فوجئنا بما أعلنه النائب البدرى فرغلى فى مجلس الشعب عن أن سيارات النقل بين المحافظات ترفض الذهاب إلى بورسعيد، ونشر أن بعض السيارات التى خرجت من بورسعيد بركابها إلى بعض المدن استقبلت بروح عدوانية شديدة، خاصة فى بعض مدن الدلتا مثل «المنصورة»، والأمر على هذا النحو مخيف، لأنه ينطوى على قدر من التمييز وأكاد أقول عنصرية عدائية تجاه أبناء مدينة مصرية، عزيزة علينا، وكل المدن المصرية عزيزة علينا.

ومنذ سنوات ونحن نحذر من فكرة تقسيم المصريين على أساس دينى وطائفى إلى مسلمين ومسيحيين أو على أساس عرقى مصريين ونوبيين، ومازلنا ننبه إلى خطورة التقسيم على أساس جغرافى، كما يحدث فى سيناء ومع أهلها من البدو، وإذا بنا نفاجأ أن بروفة التمييز والتقسيم تظهر تجاه بورسعيد وأهلها، ولو استمر الحال على هذا النحو فإننا سنكون بإزاء كارثة وطنية وإنسانية كبرى، تهدد هذا الوطن.

وربما لا يعرف كثير من أبناء الجيل الجديد، قيمة هذه المدينة ودورها فى التاريخ المصرى الحديث، فقد تأسست مع الشروع فى حفر قناة السويس، لذا تحمل اسم والى مصر سعيد باشا، وامتلأت بالجاليات الأجنبية وأيضاً بالمصريين أو «العرب» ومازال بها إلى اليوم الجزء الذى يحمل اسم «الأفرنجى» والجزء الذى يحمل اسم «العربى»، والمهم أنه فى أثناء العدوان الثلاثى على مصر سنة 1956 تعرضت هذه المدينة لهجوم عنيف من بريطانيا وصمدت صموداً حقيقياً، دكت مبانيها ودمرت شوارعها وسقط عشرات الشهداء وعذب عدد من أبنائها وقاوم أهلها ببسالة، وكنا نباهى بهذه المقاومة وبالمدينة الدنيا، وقورنت المدن الكبرى التى تحملت الغزو والتدمير أثناء الحرب العالمية الثانية مثل العاصمة الفرنسية باريس ومدينة ليننجراد فى روسيا - ويبدو أننا ننسى أو نتناسى ذلك كله الآن.

الأمر على المستوى العقلى يعنى أننا مازلنا نسير خلف الانفعالات السريعة ونرفض التعقل أو التفكير المنظم. أن يقع حادث بشع فى مدينة بورسعيد لا يعنى أن تدان المدينة بأكملها ولا أن يدان أهلها جميعاً، حتى الآن لم تكتمل التحقيقات ولم نعرف من خطط ودبر ومن نفذ ومن حرض ومن موّل.. ولو صح أن هؤلاء جميعاً من مدينة بورسعيد فهذا يعنى إدانتهم هم فقط، وليس إدانة كل أهالى بورسعيد، وعلمنا القرآن الكريم أنه لاتزر وازرة وزر أخرى، وإذا كنا نقف أمام الله ليحاسب كل فرد على ما ارتكبه وليس هناك حساب جماعى، فكيف نفعل نحن ذلك مع مجموعة سكانية ومدينة بعينها؟.. وإذا كنا نرفض فكرة «شعب الله المختار» لأنه لا يوجد شعب مختار فكذلك يجب أن نرفض فكرة الشعب أو الجماعة الشريرة أو الملعونة، ولا أفهم هذه المجانية وذلك الاستسهال فى إصدار أحكام الإدانة وإثارة الكراهية تجاه فريق من المواطنين.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة