خلقت الدعوة للعصيان المدنى حالة كبيرة من الجدل والخلاف بين القوى والحركات السياسية، وأبرزتها وسائل الإعلام بصورة زادت من حيرة الرأى العام، ولم يصل تأثيرها بالشكل الكافى للشارع الذى عاد للاستسلام لحالة التخبط التى سبقت تنحى مبارك العام الماضى.
والمتأمل لدعوات الإضراب وتصاعدها خلال الأيام الماضية يدرك وبوضوح لماذا فشل العصيان؟ وكان لابد أن يفشل؟ سواء شاركت فيه القوى السياسية والحركات الشبابية أو لم تشارك..
فبعد أحداث بورسعيد المفزعة عاد رجل الشارع لدوامة الخوف مرة أخرى بعد أيام من استفاقته منها وسط حالة الاستقرار المؤقت التى خلقتها الانتخابات البرلمانية والترقب الذى صاحب تكوين مجلس الشعب الوليد، بالإضافة إلى ما أظهره وزير الداخلية محمد إبراهيم فى بداية توليه الوزارة، من رغبة صادقة فى إعادة الاستقرار للشارع والقضاء نهائيا على حالة الانفلات الأمنى، وهو ما بدت بوادره بالفعل، إلا أن أحداث بورسعيد جاءت لتعيد الجميع لنقطة الصفر أو ما قبل الصفر ودفعت الكتل الصامتة غير المسيسة إلى الخوف والملل فى وقت واحد من العودة إلى حالة الفراغ الأمنى التى سبقت تنحى مبارك بأيام بالتزامن مع حالات السطو المسلح التى سبقت مجزرة الاستاد، بالإضافة إلى حوادث الهجوم على عدد من اقسام الشرطة وابرزها اقتحام قسم المرج.. وهى الامور التى دفعت رجل الشارع الى التشبث بالمنزل باعتباره أكثر الخيارات آمنا وأقلها خطورة ومجازفة، ولا أعنى هنا البقاء بالمنزل أى الامتناع عن العمل بل أقصد استمرار الأوضاع على ما هى عليه فى حياته اليومية، ومن ثم فإن الدعوة للإضراب جاءت فى وقت لا يتماشى مع المزاج العام الذى يميل للاستكانة والترقب.
ومن ناحية أخرى، فإن القوى السياسية الداعية للإضراب لم تقدم مبررات منطقية لحشد الملايين للهدف الذى دعت إليه، ولم تعرف هى نفسها مبررا واحدا مقنعا للعصيان قبل أيام من فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية، ناهيك عن حملات التشويه المتعمد التى خاضها قادة التيار الإسلامى على المنابر ضدهم.
إلا أن المتأمل ليوم العصيان المدنى يدرك نتيجة فى غاية الأهمية وهى عودة الحركة الطلابية الحقيقية للجامعات المصرية وصعود المد الثورى والسياسى بها بعد سنوات من التهميش المتعمد قضتها الجامعة فى عزلة إجبارية بفعل سيطرة الحزب الوطنى على صناعة القرار الجامعى والسياسى فيها، عن طريق ذراعه اليمنى أمن الدولة كطريق واحد لتحقيق تلك الأهداف.
فالدعوة للعصيان على الرغم من فشلها فى حشد الجماهير إلا أنها نجحت فى استقطاب آلاف الطلاب نحوها، وهو ما يبشر بعودة هؤلاء للعمل السياسى والحزبى، كما كان الحال قبل ثورة يوليو فى حال إذا استطاعت الأحزاب ضمهم وتكوين أرضية حقيقية بينهم، مثلما فعل أيمن نور إبان تأسيسه حزب الغد.
الدرس الثانى هو عودة الحركة العمالية للعمل السياسى والاهتمام بالشأن العام، وهو ما ترجم منذ بداية الثورة لنقابات عمالية مستقلة، إلا أنها لم تتمكن وحتى الآن من التأثير فى القاعدة العريضة للعمال، نظرا لانشغالهم بالمطالب المعيشية عن المناخ السياسى العام، إلا أن التجربة مبشرة وتنذر بالمزيد فى المستقبل.
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد كمال
متوازن
رغم موقفك ضد العصيان بس رأيك متوازن جدا ... استاذة
عدد الردود 0
بواسطة:
رشا
فعلا
عندك حق
عدد الردود 0
بواسطة:
عاش الشعب...
تعالوا ننسى أننا قمنا بثوره..!!؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
م.السيدخضر
انا باغرق