لعل المصريين جمعياً فى ترقب ذلك اليوم الذى يصبح لنا فيه رئيس للبلاد بعد أن تجاوزنا عاماً كاملاً بدون رئيس منذ قيام ثورة 25 يناير 2011. `الثورة التى انتصرت على الكساد الذى أصاب مصر ولم يشأ أن يغير منها شيئاً، وكان من نتائجه هذا الكم الهائل من الفساد والمخالفات التى تعاظمت فى كل شىء حتى وصلت إلى أقل المستويات فى الدولة.. كل أركان الدولة وصلها الفساد، وآخرها مجلس اتحاد الكرة المصرية والذى ثبت بالمستندات أنه تورط فى مخالفات وفساد يصل إلى أربع سنوات متواصلة وأخيراً تم حله وتتم محاكمة المسؤولين عنه حالياً.. وربما لم يبق من الدولة شىء لم يطله التغيير.
وهذا كله يبشر بأن الدولة حالياً تسعى للتغيير الذى هو سمة الحياة المتجددة أو سنة التقدم.. ولم يبق سوى انتخابات رئيس الدولة الذى يحسم كل الأمور فى مصر.. ولكن لابد أن نعترف أننا وقعنا فى خطأ كبير فى أعقاب قيام ثورة 25 يناير 2011، وهو أننا لم نحسم موضوع الدستور وكتابته من جديد.. ما وضعنا فى مأزق بعد عام كامل من الثورة.. أحسسنا أنه كان من الواجب أن يكون لدينا دستور جديد لكن ما حدث قد يكون بحسن نيه إلا أنه أخذ منحى آخر لم يكن فى الحسبان.. وضاعت شهور وراء شهور وأغلبها كان يتم بالتظاهرات والاحتجاجات وفوضى التقدير وعدم المسؤولية.
واليوم ونحن نترقب حدوث انتخابات رئيس الجمهورية وليس لدينا دستور جديد.. وإن كنت أنتظر دوراً مشرفاً للمجلس الاستشارى الذى يرأسه منصور حسن أحد حكماء مصر والذى ننتظر أن يحسم هذه القضية حتى لا تعطل الانتخابات الرئاسية وتكون نتائجها وخيمة.. وبرغم نجاح مجلس الشعب وجلساته الحادة الجريئة والتى كنا نفتقدها منذ أكثر من ثلاثين عاماً.. إلا أننا نترقب أيضاً دوراً أكبر لهذا المجلس ولرئيسه الجسور الدكتور محمد سعد الكتاتنى.
لابد لمجلس الشعب أن يؤرخ للوضع الراهن وأن يرسم ملامح انتخابات رئاسة الجمهورية والمفترض أن يفتح باب الترشيح لها خلال أيام.. وهو وقت عصيب ومن الواجب على الجماهير أن تعيد تقييم انتماءاتها وأن ترتب تفكيرها بما يسبق الزمن وبما يسمو بالوطن..
واليوم على الإعلام أيضاً أن يكون أكثر استنارة وقوة ووطنية وكاشفاً لكل الخفايا ولكى يكون فاعلاً علينا أن نراجع تاريخنا ونعرف من هم رؤساء مصر السابقون ومن منهم أضاف للوطن ومن منهم كان أكثر حكمة.. نحن اليوم نريد أن نستفيد من دروسنا السابقة أن نختار رجلاً غير هؤلاء جميعاً.. رجلاً يستطيع أن يملأ الفراغ الكبير الذى خلفته سنوات من العشوائية التى ملأت كل حياتنا ولم تترك من آثارها السلبية - غير هذه المتاهات المدمرة المستمرة التى نعيشها اليوم.. ولعل الجمهاير المصرية قد ادخرت جهدها فى انتخابات مجلس الشورى الذى لم تقتنع بوجوده ولم ترغب فى المشاركة فى الاستفتاء الخاص به.. ووفرت كل جهودها لكى تخوض انتخابات الرئاسة على قلب رجل واحد.. خمسة وثمانون مليون مصرى ينتظرون هذا اليوم لكى تكون مصر جديدة بالفعل فى كل شىء.. ولنبدأ من جديد إحياء الوطن الخالد.