سقط مبارك وكسر الشعب المصرى حاجز كل خوف وأزال كل الخطوط الحمراء أمام حرية الرأى، ولكن لم تحقق الثورة مبادئها ولم تُرسِ قواعدها على الأرض حتى الآن، فالقوى الثورية اختلفت بعد تآلف والشباب تشتتوا بعد توحد، والشعب بدأ يفقد الثقة فى أعظم ثورة أذهلت العالم بسلميتها وطهارتها.. والاستقطاب سيطر على المشهد السياسى بعد سيطرة تيار بعينه اقتنص أغلبية مقاعد مجلسى الشعب والشورى، فكان الصراع بين الميدان وبين البرلمان. لم يُقتص حتى الآن لدم الشهداء الأبرار، مازال الفساد المستشرى فى أوصال المجتمع يزداد ويزداد، الفوضى المنظمة والممنهجة تسيطر على الموقف، فيلعب أصحاب الثورة المضادة بكل أريحية لإسعاد نزلاء طرة، وغير هذا كثير، هو نتيجة طبيعية للجرى وراء مصالح حزبية وسياسية وذاتية على حساب الثورة وباسمها ولا علاقة لكل هذا بالثورة، وأسوأ ما فى هذا المشهد هو غياب التوحد الثورى والفشل فى إنشاء تنظيم ثورى أو جماعة ثورية تعبر عن الثورة.
والغريب فى الأمر أن الجميع بدون استثناء يتحدثون عن الثورة ويجاملون الثوار ويمالئون الميدان ويتمسحون فى الشهداء ويعملون لمصالحهم الخاصة الضيقة، حتى بعض الثوار قد أخذهم الكبر والاستعلاء، وقد ساعدهم فى ذلك تلك الجوقة من مطبلاتية الثورة الذين أخذوا من الفضائيات مقراً ثابتاً لهم فهم دائماً عينهم على بوصلة الصوت الأعلى، وفى ظل ذلك المشهد كانت تلك الدعوة للعصيان المدنى فى يوم السبت 11/2/2012 وهو ذكرى إسقاط مبارك، وهنا فلا أحد يختلف مع الحق كل الحق فى التظاهر والاعتصام والإضراب والعصيان المدنى، وقد استغرقتنا أدوات التظاهر والاعتصام فقد أتت بنتائج عظيمة فى أوقات وقد أنتجت مواقف سلبية مرات كثيرة، حيث إننا قد أسرفنا فى التظاهر والاعتصام حتى اقتربنا من ضياع تأثيرهما السياسى، وقد تم استغلال ذلك فى الترويج بربط عدم الاستقرار وتفاقم المشكلة الاقتصادية بتلك التظاهرات فتجاوب مع ذلك قطاع كبير من الأغلبية الصامتة التى تنتظر ثمار الثورة.
فهل ونحن فى تلك الظروف الاقتصادية التى تضعنا على حافة الهاوية ونحن فى غياب أمن وأمان، ونحن فى حالة تشرذم و تفتت وتنافر، وفى ظل سيطرة تيارات سياسية على البرلمان وعلى الشارع باسم الدين وهم غير موافقين على هذا العصيان، ونحن مع أغلبية صامتة لا تعى ما هو العصيان وما هى حدوده وما حجم مخاطره عليها، هل فى ظل كل ذلك يمكن أن ينجح العصيان؟، وإذا كان العصيان يعنى زعامة وطنية تاريخية فأين غاندى أو مارتن لوثر كنج أو مانديلا أو سعد زغلول حتى ندعو لهذا العصيان؟ الثورة ليست حقل تجارب أو ممارسات تتصور البطولة وتتخيل الزعامة، الثورة ليست حركة على طول الخط، ولكن مع الحركة تنظيم وحوار وتوافق ثم توحد، الثورة الحقيقية تحقيقها يحتاج إلى تراكم، فتبداء بثقافة الثورة حتى تصل إلى كل مواطن وليس إلى النخبة التى فقدت مصداقيتها مع كل مواطن، الثوار هم من ينزلون إلى الشارع ويحسون بمعاناة المواطن فيكتسبون مصداقيته لا يظلون فى الميدان ويصدرون البيانات تأكيداً للعزلة والانفصال، تسليم السلطة بعد شهور قليلة، فالأهم هو استغلال تلك الشهور فى إعادة اللحمة الثورية لتحقيق الثورة أو للتظاهر والإضراب والعصيان المدنى هذا لو لم تسلم السلطة فى يونيو 2012.
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد إسماعيل
ليس لمخلوق منة على مصرنا الحبيبة!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
Reham Hammad
إلى صاحب التعليق رقم 1
عدد الردود 0
بواسطة:
مجهول
التظاهر المدنى
إيه اللى بيحصل ده