د. عاطف عبد الرشيد

ديمقراطية «أبوكم».. فين؟

الأربعاء، 15 فبراير 2012 03:47 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إخوانى فى الجغرافيا والتاريخ والتربية الوطنية، لو كانت موجودة.. يا من اتخذتم من أمريكا أبًا، ومن فرنسا أمّا.. ودعوتمونا لديمقراطيتهم.. هل الديمقراطية لعب عيال؟
«أبوكم» أمريكا.. و«أمكم» فرنسا.. يا أبناء الغرب، يا أحفاد المشروع الديمقراطى الأمريكى الغربى فى المنطقة، لقد أشبعتمونا بالشعارات البراقة التى ظللتم تلوكونها ليلًا ونهارًا، صيفًا وشتاءً، واليوم أنتم لا تطبقونها ولا تحترمونها.

لقد علمتمونا وحفظتمونا أن الفكرة المحورية لديمقراطية «أبوكم» تَعنى أن يحكم الشعب نفسه بنفسه، وأن السيادة أو السلطة العليا تكون للأمة أو للشعب، وأن هذه السيادة تكون عن طريق الاقتراع العام أو الانتخابات، وعندما جاءت الديمقراطية بمن لا تحبون، أمسكتم أقلامكم وميكروفوناتكم وهواتفكم وبدأتم هجومكم. ووفقا للوفاء بشروط ومعايير ديمقراطية «أبوكم»، التى تدعون أنها أفضل نظام حكم اهتدت إليه البشرية، كان عليكم أن تعطوهم فرصتهم، فالأصل عند ديمقراطية «أبوكم» أن الانتخابات عملية تنافسية حقيقية، بين الأحزاب والأفراد، تتكافأ فيها الفرص للكل لتقديم أنفسهم، لكسب تأييد الناخبين، وأن الانتخابات تأتى بأفضل العناصر من الذين يملكون القدرات والمواهب المتميزة.

ديمقراطية «أبوكم» تحلف بالبرلمانات «المنتخبة» وبسماها وبترابها- رغم أننا ضد الحلف بغير الله- أما أنتم فقد لعنتم أباها وأجدادها، ولسان حالكم يرفض مجلس الشعب «مجلس الثورة».. لقد سخرتم من الأكثرية وإرادتها ومبادئها وذوقها وهواها، وأهنتم البسطاء الشرفاء وسعيتم لاحتكار «النخبة» السياسية، وسفهتم اختيارهم وانحيازهم للإسلاميين، وتناسيتم– يا دعاة التضحية والفداء- أن الإسلاميين دفعوا الثمن مقدمًا وغاليًا ومضاعفًا؛ وأنهم شردوا وطردوا وسجنوا وعذبوا وقتلوا.. و.... و....

لقد رضينا فعلا بالخيار الديمقراطى، لكن ديمقراطية «أبوكم» لم ترض بنا، هل ديمقراطية أبونا لابد أن تكون منقوصة؟، هل أدمنتم ديمقراطية النظام السلطوى- اللاديمقراطى- الذى ساد فى مصر منذ أكثر من خمسين عاما إلى اليوم؟

لماذا تتهمون الشعب بالغفلة والسذاجة والسطحية وتصرون على الانقضاض على إرادته والفتك بها؟ لماذا لا تحترمون رأى الشعب، وتكفرون بحكم الأكثرية؟ لماذا تصرون على السباحة عكس تيار المصريين وترغبون فى عزل الدين عن التأثير فى الدنيا، وتفرضون عليهم فكرة العيش بعيدا عن الدين وأوامره؟

هل ديمقراطية العرب شريرة وسلبية، تحب الاستبداد، وتدمن الظلم؟! لماذا لم تلتزموا بمعاييركم؟! أين مناخ الديمقراطية المشجع لها؟ أين مساواة «أبوكم» السياسية، وأين عدالة «أبوكم» الاجتماعية، وأين احترامكم للرأى وحق الاقتراع أو الانتخاب والاختيار؟.. هل تريدون تمكين الأقلية من اعتلاء سلطة الحكم، وتحويل الدولة إلى دولة منزوعة الديمقراطية أو عديمة الديمقراطية؟

وأخيرًا.. هل ترفضون ديمقراطية «أبوكم» لأنكم تطرفتم وتدينتم وعدتم للإسلام وحكمه وأخذتم برأى من يقول بأن الديمقراطية شرك وكفر، وأنه «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ» وأن الحكم لله، وأن الديمقراطية تكون فقط فى الأمور التى لا نص فيها.

نعلم أن ديمقراطية «أبوكم» ليس لها قيم أخلاقية بالمعنى الشرعى، وأنكم تنادون بحرية الفرد والجماعة، وتمارسون حرية «الأنا» و«الذات» و«الشلة».. نعلم أنكم محترفون ومهرة ومتخصصون فى الضجيج السياسى والإعلامى، وأنكم أساتذة فى تسويق وتزيين الباطل، وأنكم ستحاولون الوقيعة بين الشعب ونوابه، وتفريق صفوفهم وزلزلة الأرض من تحت أقدامهم، ووضع «البمب» فى جداول أعمالهم، لفض الناس من حولهم، وأنكم قادرون على نشر الأفكار المنتهية الصلاحية، وترويج الآراء المصنعة تحت سلالم الوطن.

إخوانى فى الجغرافيا والتاريخ: لن نمل من بذل الغالى والثمين حتى نوقظ ضمير «أبوكم المصرى»، وحتى ننشط ذاكرتكم الوطنية، وسنظل نحسب أنكم منا ومعنا، وأنكم وطنيون.. وطنيون.. وطنيووووووون.
والله وحده.. ودائما.. من وراء القصد.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة