مثلما اختفت أنبوبة البوتاجاز من الأسواق البيضاء وظهرت فى الأسواق السوداء، اختفت أيضا من مناقشات مجلس الشعب. ومثلما ننتقد سلوك النواب ورغبتهم فى الاستعراض البرلمانى، من الأذان فى مالطة، والاعتصام فى محمد محمود، والانفراد فى البهو الفرعونى، نحن أيضاً نحمل المجلس المسؤولية عن نقص الأنابيب فى الأسواق، وتجاهل المشكلة حتى تحولت إلى مرض مزمن. ومع كامل الاحترام للقضايا الكونية ولجان تقصى الحقائق التى تصدر تقارير وتعارضها. فإن أنبوبة الغاز ذات أهمية قصوى للمواطن، وما لم يتم حلها نهائيا سوف تتحول إلى قنبلة تنسف البلد. ونرى أن طريقة التعامل مع الأنبوبة تكشف لنا عن طريقة «أنبوبية لولبية» فى التعامل مع الأزمات. ولا يكفى أننا ندفع 20 مليار جنيه لدعم البوتاجاز وأنها لا تصل للمواطن.. فدور الحكومة أن تضمن هذا الوصول، أزمة أنبوبة البوتاجاز تلخص مشاكلنا، وهى ليست وليدة اليوم لكنها كانت تتكرر كل عام مع بداية الشتاء حتى نهايته والحجة أن مزارع الفراخ تستخدمها للتدفئة. لكن الأزمة كانت تنتهى فى نهاية الشتاء. الآن تتواصل الأزمة وتستمر حالات قطع الطرقات فى القرى والمحافظات. ثم إن سعر الأنبوبة وصل إلى 50 جنيهاً فى السوق السوداء، وكون المواطن يحصل على أنبوبة من السوق السوداء فهذا يعنى أنه يمكنه الحصول عليها فى السوق البيضاء. وهو لغز يؤكد فشل الحكومة فى إدارة ملف الغاز. وعلى البرلمان أن يشكل لجنة لتقصى هذه الحقائق، ولا مانع من أن يتم عمل كوبونات للمواطنين على بطاقات التموين يحصل بموجبها المواطن على أنبوبتين شهرياً. حتى نضمن وصول الدعم، مع طرح أنابيب غير مدعمة فى الأسواق والمستودعات، لأنه لا يجوز أن تضيع 20 مليار جنيه على الأرض، ويحصل عليها مليارديرات السوق السوداء.
ثم إننا نواصل تصدير الغاز لإسرائيل وغيرها بينما نحتاج هذا الغاز فى بيوتنا، ونستورد لنعوض النقص. ونفعل مثل الرجل الذى باع بيته لإدخال المياه والكهرباء.. كانت الحكومات السابقة تصدر الغاز للخارج، وتستورد غازا من الجزائر بينما يمكن أن يكفينا الغاز الطبيعى لو تم استغلاله للمنازل وتوسيع استخدامه فى السيارات. كان هذا تفكير الحزب الوطنى أن نستثمر فى الغاز البعيد عن العين ونصدر غازنا القريب من القلب. فلماذا لا يناقش البرلمان هذه القضية ويعالجها نهائياً. ونحل الغاز ولوغاريتمات الدعم المقدم للطاقة والذى لا يصل إلى مستحقيه. وإنما إلى سارقيه. قضية الطاقة والدعم مهمة وتحتاج إلى إعادة نظر ومواقف شجاعة وواضحة. وتستحق مناقشة أو لجنة لتقصى الحقائق. تكون لجنة حقيقية وليست على طريقة لجنة بورسعيد التى أصدرت تقريرا من الباب وهاجمته من الشباك. لأن قضية الطاقة والدعم المهدر يمكن لو تم حل ألغازها، أن نحل لوغاريتمات كثيرة بطريقة حقيقية، وليس على طريقة « برلمان شو».