لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب عقدت جلسة للمجلس القومى لحقوق الإنسان لدراسة التشريعات المقترحة من المجلس، وكذلك آليات التعاون البناء بين المجلس القومى ولجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب، وقد ذهب الوفد الذى رأسه الوزير السابق محمد فائق نائب رئيس المجلس وحضور د. منى ذو الفقار والسفير محمد كارم، وأنا بصفتى رئيس اللجنة التشريعية بالمجلس، حاملينً ملفاً من التوصيات والمقترحات والتشريعات التى أنتجها المجلس والتى لم تأخذ بها الحكومات السابقة وكان مصيرها أدراج المكاتب.
كان الملف شاملاً تناول توصيات لوقف التعذيب وإساءة المعاملة، وإنهاء حالة الطوارئ ووقف المحاكمات العسكرية والاستثنائية وتحرير العمل الأهلى وتعديل قانون الأحزاب السياسية وكذلك تعديل النظام الانتخابى، بما يسمح بأن تجرى الانتخابات بحرية ونزاهة.
وعرض السيد نائب رئيس المجلس هذه الجهود من أجل تحسين الأوضاع قبل الثورة وتجاهل الحكومات لهذه التوصيات، قدمنا أيضاً للجنة حزمة من التشريعات والقوانين التى قام الخبراء من أعضاء المجلس بصياغتها فى اللجنة التشريعية، منها مشروع قانون مكافحة التعذيب وقانون قاضى تنفيذ العقوبة وقانون التظاهر السلمى وقانون الجمعيات الأهلية، وكذلك قانون لمنع التمييز وقانون بناء وإصلاح دور العبادة، وفى الحقيقة كانت مناقشات اللجنة متميزة وتعكس إرادة حقيقية للمضى قدماً من أجل تحسين أوضاع حقوق الإنسان، لا سيما أن أغلب أعضاء اللجنة ممن قضى سنوات اعتقال فى السجون المصرية.
الملاحظة المهمة من هذا الاجتماع أن المناقشات تتحدث عن أولوية الحقوق الاجتماعية والاقتصادية على الحقوق السياسية والمدنية استناداً إلى أنه بعد الثورة لم تكن الأولوية إلا للحقوق الخاصة بالعلاج والصحة والعمل والسكن. ورغم اتفاقى مع كثير من المقترحات بشأن الاهتمام بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية فإننى أعتقد أنه لا بديل عن أن نسير فى الاتجاهين فى وقت واحد، ففى الوقت الذى يجب أن يعمل المجلس على تعديل البنية التشريعية بما يضمن حصول الطبقات المهمشة والضعيفة على حقوقها وهى التى عمل النظام السابق لمزيد من تهميشها وإضعافها لصالح طبقة الأغنياء، وفى ذات الوقت لا شك أن الحقوق المدنية والسياسية تحتاج إلى الاهتمام بها، وذلك بالعمل من أجل أن تتطابق التشريعات المصرية مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، فضمان حرية الرأى والتعبير مهم جداً لمجتمع ديمقراطى، ولضمان أصوات لكل الفئات أن تجد منبراً يعبر عنها، وفى ذلك الوقت فإن حرية تداول المعلومات والشفافية ترتبط ارتباطا وثيقا بحرية الرأى والتعبير، بحيث أنه لا يمكن تصور وجودها بمعزل عن مجتمع متفتح وشفاف.
كما أن استئصال آفة التعذيب من المجتمع المصرى رهن بتحقيق مبدأ حماية كرامة المواطن المصرى بعد الثورة، فمن غير المعقول أن تتكرر قضايا مثل خالد سعيد أو سيد بلال أو غيرهم ممن تعرضوا للتعذيب، وحرية التنظيم وحق المواطنين فى التجمع السلمى، هى حقوق ترتبط بالمجتمع الديمقراطى التعددى، وهذه الحقوق ضمانة ضد الاستبداد والديكتاتورية، أى أننا لا يجب أن نرتب أولوياتنا بما يؤدى إلى إهمال مجموعة من الحقوق لصالح حقوق أخرى، ولكن يجب أن نعمل بمفهوم تكامل وشمولية حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزئة، فالمصريون يستحقون أن يعيشوا بكرامة ولن يُقبل أى امتهان أو انتهاك لحقوقهم غير القابلة للتجزئة.