مشهور ابراهيم احمد

هل سيرحل المجلس العسكرى؟

الخميس، 16 فبراير 2012 09:55 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يشعر بعض الثوار بالإحباط، ويتساءلون لماذا نجحنا فى خلع مبارك خلال ثمانية عشر يومًا، ولم ننجح حتى الآن فى إجبار المشير والمجلس العسكرى على ترك الحكم خلال اثنى عشر شهرًا؟، ولماذا تخلى عنا رفاق الثورة وتضاءل تعاطف الجماهير لنجد أنفسنا وحدنا فى الميدان؟

الإجابة ماثلة فى السؤال نفسه، وهى أن من يطالبون برحيل المجلس العسكرى "فورًا" أصبحوا بالفعل "وحدهم فى الميدان"، بعد أن اختلفت الظروف المحيطة، مؤدية إلى استمرار بقاء المجلس العسكرى فى السلطة حتى الآن، وهو ما يرجع لعدد من المتغيرات، التى ظهرت بعد 11 فبراير 2011، وهى متغيرات تختلف عن المحددات والعوامل التى كانت تدفع بقوة فى اتجاه إسقاط مبارك.

أول هذه الأسباب، عدم الإجماع الشعبى أو حتى بين القوى السياسية على مطلب "الرحيل الفورى للمجلس العسكرى"، على عكس ما حدث خلال ثورة 25 يناير، حيث تضامنت الغالبية العظمى من الشعب المصرى مع الثوار، واتفقت على فساد نظام مبارك وبطشه، وآمنت وتبنت تلك الغالبية شعارات الثورة (خبز ـ حرية ـ كرامة إنسانية ـ عدالة اجتماعية)، وقررت رحيل مبارك ونظامه القمعى، بأى ثمن.

السبب الثانى، أن غالبية الشعب، التى رفضت خديعة مبارك فى 25 يناير (أنا أو الفوضى)، تخشى الآن بالفعل من احتمالات "ما بعد عودة القوات المسلحة إلى الثكنات"، قبل انتخاب رئيس للبلاد، خاصة أنه لا يوجد توافق بين القوى السياسية على من سيدير البلاد لو رحل المجلس العسكرى الآن .

السبب الثالث، هو عدم مشاركة قوى مهمة ومؤثرة، وعلى رأسها، جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين، فى التظاهر أو الاعتصام أو العصيان المدنى ضد المجلس العسكرى خلال الشهور الماضية، بسبب توجس وقلق التيار الإسلامى، من مقترحات بعض القوى السياسية ومطالبها، ففى أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، كان هناك قلق من أن تكون تلك الأحداث، محاولة لتوريط الإسلاميين فى صدام مع الجيش أو محاولة لإقصاء الإسلاميين وتحجيمهم عبر إرجاء الانتخابات، ومن ثم العودة بالبلاد مرة أخرى إلى نقطة الصفر.
السبب الرابع، هو وجود جدول زمنى محدد وخريطة طريق واضحة إلى حد كبير لانتقال السلطة، وخاصة بعد انتخابات مجلس الشعب، وبمعنى آخر، فإن الكثيرين يرون أن انتظار 30 يونيو كموعد نهائى لتسليم السلطة أفضل من الصدام الدموى مع المجلس العسكرى، لأن هذا قد يؤدى إلى عواقب وخيمة، ولن تنتهى المعركة فى هذه الحالة بمنتصر، بل قد تنتهى بمأساة .

إن السؤال الذى يتبادر إلى الأذهان بعد ما ذكرناه هو إذا كانت هذه الأسباب التى جعلت المجلس العسكرى مازال مستمرًا فى الحكم لا تزال قائمة حتى الآن فما الذى سيدفع العسكر غدًا للالتزام بالجدول الزمنى وعدم قلب الطاولة على رءوس الجميع.

من المؤكد أن الأسباب التى أدت إلى استمرار المجلس العسكرى فى السلطة حتى الآن، هى ذاتها أيضًا الأسباب التى ستجبره غدًا على الرحيل !!، بغض النظر عن رغبته فى البقاء أو الرحيل وحسن نيته أو العكس، فالقوى السياسية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، التى ترفض رحيل المجلس العسكرى قبل الموعد المحدد، والغالبية الكبيرة من الشعب، التى تخشى من تدهور الأوضاع الأمنية وانتظار موعد 30 يونيو لتسليم السلطة بدلا من الصدام الآن مع المجلس العسكرى، هى التى من المرجح أن تقف بقوة أمام المجلس العسكرى إذا انقلب على الديمقراطية وتنصل من التزاماته وبالجدول الزمنى لتسليم السلطة.

وبمعنى آخر، فإنه إذا كان الشعب المصرى ، ونفس الأمر ينطبق على القوى السياسية، منقسمًا خلال المرحلة الحالية بشأن "توقيت" رحيل العسكر، فإن غالبية الشعب متفقة على ضرورة التزام المجلس العسكرى بالجدول الزمنى لانتقال السلطة الذى حدده وتسليم السلطة للمدنيين فى موعد غايته 30 يونيو.

أما إذا حدث خلاف ذلك، فأعتقد أن الميدان سيشتعل من جديد، ووقتها سيكون الشعب فى غالبيته متحدًا كما حدث أثناء الثورة، وسيخسر وقتها الذين يشككون فى إمكانية تجمع الملايين مرة أخرى، والذين يراهنون فى قرارة أنفسهم على أن خروج الجماهير أثناء ثورة 25 يناير لن يتكرر مرة أخرى، لأن الواقع يشير إلى عكس ذلك، ويؤكد أن الجماهير ستهب وستعود إلى ميادين مصر بأكملها، إذا اقتنعت أن هناك نية لسرقة ثورة 25 يناير أوإذا كان هناك مبرر وسبب قوى للنزول إلى الشارع.

وليس هذا تفاؤلاً أو ثقة مفرطة فى الشعب المصرى دون مبررات منطقية، بل هى نتيجة أكدتها الأحداث على أرض الواقع، فنزول هذه الحشود الضخمة اعتراضًا على ما حدث فى ميدان التحرير وشارع محمد محمود يوم 19 نوفمبر، والوقفة القوية من قبل جموع الشعب التى نزلت الميدان، حين تم فض اعتصام أهالى الشهداء والمصابين بالقوة المفرطة والتنكيل بهم، وغليان الشعب تجاه ما حدث من مأساة فى بورسعيد، أثبتت أننا لن نفرط فى مكتسبات الثورة، ولا فى أهدافها، وأن الشعب سيصر على تصحيح مسار ثورته إذا حادت عن الطريق أو إذا حاول البعض عرقلة تقدمها.

إن الفترة القادمة فترة دقيقة وفاصلة فى تاريخ التطور السياسى المصرى وفى مستقبل مصر، وأى خطوة غير مدروسة ومحسوبة بدقة خلال هذه المرحلة، سواء من المجلس العسكرى أو من القوى السياسية المختلفة، قد تؤدى إلى حدوث نكسة فى مسار الديمقراطية وانقلاب على مكتسبات الثورة، لذلك علينا أن ندرس خياراتنا جيدًا ونختار من بينها الأصلح من أجل انتقال سلمى للسلطة، كخطوة رئيسية نحو تحقيق أهداف الثورة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة