منذ أن تم بالصدفة اكتشاف هرمون الإندورفين فى عام 1975م، وهو يعد من أهم مسكنات الألم التى تفرز طبيعياً من جسم الإنسان، ولكن ما هى فوائدة وما هى أنواعه؟
يوضح لنا الدكتور وائل صفوت، مستشار الطب العام وأخصائى أمراض الباطنية والجهاز الهضمى والكبد، أن الإندورفين هو فى الواقع من مجموعة البيبتيدات المتعددة (Polypeptides) التى تتمثل مهمتها الرئيسية فى توصيل الإشارات العصبية عبر الجهاز العصبى.
ويبين أنه عند إفراز الإندورفين من خلايا الدماغ أو من الغدة النخامية، فإنه يرتبط بمستقبلات الألم فى الدماغ، وبالتالى يخفف الشعور بالألم، بالطريقة نفسها التى تعمل بها بعض الأدوية المسكنة للألم (المخدرة) كالمورفين والكودين، إلا أن الإندورفين الذى يفرز طبيعياً من الجسم لا يؤدى إلى الإدمان كما هو الحال مع الأدوية المخدرة المصنعة كيميائياً.
ويقول دكتور وائل إنه يوجد حالياً أكثر من عشرين نوعاً من الإندورفين قد تم التعرف عليها، إلا أن بيتا إندورفين يعد أكثرها قوة وفعالية، وهو يتكون من سلسلة طويلة من الأحماض الأمينية (ثلاثين حمضاً أمينياً). يُفرَز الإندورفين استجابة لكل من الإجهاد والألم، ويتمثل عمل الإندورفين فى تخفيف الشعور بالألم، وخفض الإجهاد، وتعزيز الجهاز المناعى، كما أن من تأثيرات إفراز الإندورفين تحسن المزاج لدى الشخص والشعور بالسرور والسعادة.
كما يشير دكتور وائل أنه يفرز الإندورفين استجابة للجهد البدنى الهوائى المعتدل الشدة الذى يدوم 20 دقيقة فأكثر، وقد يفرز فى حالة الجهد البدنى الأقل شدة إذا استمر الجهد لفترة طويلة.
أما أثناء الجهد البدنى العنيف الذى لا يدوم إلا لفترة وجيزة، كعدو المسافات القصيرة أو رفع الأثقال، فلا يعتقد أن تركيزه فى الدم يتغير بشكل محسوس مقارنة بحالة الراحة.
ويعتقد كثير من العلماء أن الإندورفين هو المسئول عن حالة الشعور بالسعادة التى يشعر بها العداءون المنتظمون على رياضة الجرى (High Runner's)، على الرغم من الاختلافات الكبيرة فى توقيت إفراز الإندورفين بين عداء وآخر، فبعضهم يفرز جسمه مادة الإندورفين بعد حوالى 10 دقائق من الجرى، والبعض الآخر قد يستغرق منه الأمر 20 – 30 دقيقة قبل شعوره بحالة السرور والسعادة الناجمة من إفراز مادة الإندورفين. أخيراً، لا يبدو أن هناك فروقاً ملحوظة فى استجابة الإندورفين للجهد البدنى لدى المرأة مقارنة بالرجل، كما تشير إلى ذلك نتائج البحوث التى قامت بالمقارنة بين الذكور والإناث فى هذا الشأن.
وقد جمع الدكتور وائل لقراء "اليوم السابع" العديد من أقاويل الأطباء العالمين فى أبحاثهم ومراجعهم العلمية حول الإندروفين:
•يقول الدكتور ألن هيرش، مدير مركز الأعصاب فى مؤسسة الشم والتذوق للبحوث العلمية فى شيكاغو، "ينتج الدماغ مادة تسمى الإندورفين وهى مسئولة عن تخفّيض الألم. وتعرف هذه المادة باسم قناع الغبطة. وتقوم المخدّرات مثل المورفين، والهيروين، والكوكايين بحث الدماغ على إفراز الإندورفين للحصول على ذات النتيجة الطبيعية، ولكن لماذا نلجأ للمخدرات السامة بينما نستطيع حثّ دماغنا على الشعور بالسعادة والاسترخاء".
•يقول بعض الأطباء بأن تناول الفلفل الحار هو الإدمان بعينه. فالتسارع الذى يحصل على اللسان بعد تناول قضمة واحدة هو ردّ فعل الجسم الوقائى تجاه طعم الفلفل الحار. "بينما مضغ الفلفل الحار يمكن أن يفرز الإندورفين مركزياً وعلى اللسان".
•تقول جويل فورمان، طبيبة عائلة ومؤلفة كتاب "كل لتعيش"، "عندما يأخذ الناس علاجاً مموّهاً وهم يعتقدون بأنه دواء شاف، يحقق هذا العلاج نجاحاً باهراً فى أغلب الأحيان، وهذه نتيجة لقوّة التفكير الإيجابى، التى يمكن أن تساهم فى إفراز الإندورفين الذى قد يخفّف أى ألم حتى إذا كان الدواء غير مؤثّر جسدياً".
الناس الذين يهرولون بانتظام يتحدّثون فى أغلب الأحيان عن "نشوة العدائيين"، وهذا سببه كما أصبحتم تعرفون الإندورفين الذى يرتفع متى بلغ الشخص الذى يلعب الرياضة نقطة معينة خلال التمرين. على أية حال تقول الدكتورة فورمان بأنّ العلاقة بين الإندورفين والرياضة ما زالت "جدالية"، ذلك لأن بعض المحترفين الطبيين يعتقدون بأن الشعور الإيجابى هو الذى يزيد من إفراز الإندورفين وليس التمرين بحد ذاته، وتوصى الدكتورة فورمان بالقيام بالتمارين الرياضية لأنه تحسن المزاج والصحة بشكل عام.
•تقول الدّكتورة فورمان، "أعتقد شخصيا بأن هزة الجماع طريقة عظيمة للحصول على دفعة قوية من الإندورفين، فأنت يجب أن تركض لساعة كاملة حتى تبلغ نشوة العدائيين بالاعتماد على جسمك بالطبع، بينما يوفر لك الجنس الإندورفين بجهد أقل، ولا تنسى الشعور بالسعادة والمرح، لذلك فإن ممارسة الجنس بين الزوجين تعد من أفضل أنواع الرياضات على الإطلاق".
•تقول الدكتورة فورمان، "إن وخز الجسم بالإبر يساعد على تخليص الجسم من الطاقة السلبية، وقد يحفز إفراز الإندورفين، كما أن المرضى الذين يخضعون للعلاج بالإبر الصينية غالبا ما يقتنعون بقوتها العلاجية، وهكذا يشفون نفسياً".
•تقول الدكتورة جويل فورمان "جمعينا يعلم جيدا أن مادة الكاكاو تسبب الإدمان، حيث تؤثر على الدماغ وتحثه على إفراز الإندورفين، ولكن لا داع لأن تركض الآن لشراء قطعة كبيرة منها، يكفى أن تأكل قضمة صغيرة للحصول على التأثير الإيجابى".
•وحول الخوف والعلاقة بينه وبين الإندورفين تقول الدكتورة جويل فورمان "هل سمعت أصدقاءك يقولون بأنّهم يحبّون مشاهدة أفلام الرعب؟ حسنا لا دخل للشجاعة بهذا، ببساطة عندما تشاهد فيلم رعب يقوم دماغك بإفراز مادة الإندورفين فتشعر بقشعريرة تسرى على يديك وعلى عيونك، وأسفل ظهرك. وهذا شبيه بركوب القطار السريع فى الملاهى، فأنت تشعر بالإثارة، التى تزيد من تسارع دقات قلبك وإفراز الإندورفين، الأمر الذى سيجعلك تشعر بالسعادة بعد انتهاء المشهد أو اللعبة".
•وجد باحثون من مركز جامعة ويك فوريست الطبى المعمدانى بأن الأشعة فوق البنفسجية UV يمكن أن تساهم فى إنتاج الإندورفين، ولكن هل هذا السبب وراء جلوس بعض الحسناوات فى الشمس قرب برك السباحة والشواطئ، بالرغم من مخاطر سرطان الجلد، بضعة دقائق من التعرّض للشمس لن تؤذى جلدك، بل قد تزيد من إنتاج الإندورفين، ولكن لا تخرج فى أوقات الذروة، يكفى أن ترى الشمس فى الصباح الباكر لتحصل على هذه الدفعة القوية.
وتقوم الحجامة بتحفيز الجسم على إفراز الإندورفين، وهى مادة لها تأثير مثل المورفين، ولكن لا تسبب الإدمان لأن يصحبها إفراز مادة الإنكسون.