د. بليغ حمدى

بِلِحْيَةٍ أَوْ بِدُوْنِهَا.. المُهِم أنَّه يَنْضَبِط!

الجمعة، 24 فبراير 2012 08:39 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تقر قواعد وزارة الداخلية أن جهاز الشرطة هو هيئة مدنية نظامية لها شرائط وضوابط وقوانين حاكمة لابد للمنتسبين لها أن يلتزموا بهذه الضوابط، ومنها المظهر والملبس، جاء هذا التنويه كرد فعل للطلبات التى قدمها بعض الضباط وأمناء الشرطة إلى وزارة الداخلية يعلمونها أنهم سيطلقون لحيتهم بدءاً من تنويههم بذلك.

والحقيقة أننى لم أجد ضابطاً ملتحياً إلا فى المملكة العربية السعودية حينما كنت أعمل محاضراً بجامعة الملك خالد هناك منذ سنين ليست بالبعيدة، وكان أمر الضابط عادياً لا أجد مظهره يبدوا استثنائياً أو مختلفاً، وربما كنت أنا الأستاذ الوحيد بالجامعة الذى لم يكن ملتحياً، وربما هذا الذى كان يدفع طلابى بكليتى الشريعة وأصول الدين والتربية بألا يجعلونى إماماً عملاً بأنه لا تجوز الصلاة وراء حليق، أى حليق اللحية.

ورغبة هؤلاء الضباط المصريين فى إطلاق اللحية لهو أمر يبدو بالنسبة لى شيئاً عادياً، بل سأذهب إلى بعيد فلو أن منهم من رغب فى ارتدائه الجلباب بدلاً من الزى العسكرى الذى هو شرف له فإننى سأرحب أيضاً بالفكرة، ولو أنه قرر أن يتخلى عن غطاء الرأس العسكرى مستبدلاً به طاقية بيضاء فلا مانع أيضاً رغم أننى لست وزيراً للداخلية.

الأمر بالنسبة لى يبدو مغايراً ومختلفاً، أنا أريد من رجل الشرطة أشياء لو لم يستطع أن يقوم بها ويؤديها على أتم وأكمل وجه فعليه أن يرحل ويترك أمر الأمن لغير ممن يرى فى نفسه الكفاءة والقدرة.

فأنا أريده منضبطاً فى القول والفعل، وأريده مؤتمناً على حفظ أمن هذه البلاد التى أعيش على أرضها منذ ثمانية وثلاثين عاماً، وأريده نموذجاً رائعاً فى تحمل المسئولية لا أن يتخلى عن دوره ويجلس فى بيته إذا قامت ثورة ثالثة فى مصر، وألا يصوب بندقيته فى وجه إخوانه من المصريين إذا فكروا يوما أن يتظاهروا بشأن حريتهم المقيدة.

لكن إذا ظن أولئك المنتمون لجهاز الشرطة أن مطالبهم مجرد انتماء دينى أو حزبى فقط، فماذا فعل لى الحزب وإخوتى يتساقطون واحداً تلو الآخر بالميدان، وإن اعتقد صديقى الضابط أن إطلاقه للحية سيجعلنى أظن به حسنى بأنه ملتزم دينياً، فالتزامه أمر يثاب عليه وحده ويقربه إلى الله باعتباره ينحو باتجاه طاعة محمودة، أما أنا فأنا أريده يقظاً حينما أترك زوجتى وولدى الصغير بالمنزل متجهاً لسفر ما أو لقضاء أمر معين، وأنا أريده أن يحمى بناتنا ونساءنا بالطرق التى أخذ صكها البلطجية ومحترفو التخريب.

يهمنى أن يكون هذا الشرطى مهتماً بصحته، لا كمثل من كنت أراهم وقت الثورة وما قبلها أيام زمن الواسطة والمحسوبية؛ هذا منتفخ البطن (الكرش) غير قادر على تتبع أصغر مجرم غير محترف، وهذا قصير القامة لا يهابه المجرمون، وهذا بطئ الحركة يعجز عن تسلق المواسير خلف الحرامى.

وحقاً لماذا فى مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير أصبحنا فى غفلة مطلقة ومستدامة لفقه الأولويات، وهذا لا يغنى أن نشير بأن إطلاق اللحية سنة عن نبينا وحبيبنا محمد (صلى الله عليه وسلم) الذى لنا فى أسوة وحسنة، لكنه النبى والمرشد والمؤسس والمنذر وصاحب الدعوة والقائد والمصلح والبشير، أى أن لحيته لم تعفيه من مهامه الجسيمة التى وكله الله إياها، والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة