دخلنا مرحلة الجد فى قضية مياه النيل، بعد التحركات الأخيرة لدول منابع النيل للتصديق على الاتفاقية الإطارية عنتيبى لدول الحوض، والتى تعترض عليها مصر والسودان، لأنها لا تعترف بحقوقهما التاريخية فى مياه النهر، وتؤثر هذه الاتفاقية على حصة مصر من المياه البالغة 54 مليار متر مكعب، أى أنها معرضة للنقصان وهو ما يؤدى إلى مزيد من أزمة مصر المائية.
القضية بهذا الوضع دخلت مرحلة الجد، ولمواجهتها يجب ألا تقتصر فقط على السجال القانونى، وفى ذلك يأتى الحديث عن المحاولات السابقة التى بذلها وفد «الدبلوماسية الشعبية» الذى سافر إلى أوغندا وإثيوبيا ثم جنوب السودان، وعاد بأحلام واسعة عن إمكانية التفاهم حول هذا الملف مع دول الحوض، وحاز هذا التحرك على إشادات كبيرة من الأطياف السياسية المختلفة والرأى العام، وأعطى ملمحا مهما عن «مصر الجديدة» التى تبحث عن شق طريق لها نحو أفريقيا بعد ثورة يناير، وكانت وزارة الخارجية أيام الدكتور نبيل العربى تتابع الحدث، وتلقت تقاريرا حوله، لبحث تحويل هذا التوجه الشعبى إلى واقع رسمى.
بعد هذا التحرك زار مصر الرئيس الأوغندى ورئيس الوزراء الإثيوبى، وكلاهما تحدث بإيجابية عن الحرص على العلاقة مع مصر، لكن الأمر تحول فى اتجاه آخر كما نرى الآن، فهل يعنى ذلك أن ما حدث فى الماضى تبخر ولم يعطِ فوائده؟.
نحن الآن أمام مجلس شعب فيه نائب من الذين قادوا طريق «الدبلوماسية الشعبية» وهو النائب مصطفى الجندى، ونائب آخر هو إيهاب رمزى الذى تقدم بطلب إحاطة حول الأزمة، لكن المطلوب ليس الاكتفاء بإثارة القضية من باب المناقشات التى تجرى تحت القبة، وإنما البحث فى كيفية إيجاد سبل سياسية فى معالجتها، لأنها شأن سياسى بامتياز.
فى هذا السياق يأتى أيضا دور مرشحى الرئاسة، ومنهم عمرو موسى الذى كان وزيرا للخارجية، أى أنه كان على علاقة بالقضية، ومنهم حمدين صباحى الذى كان ضمن وفد الدبلوماسية الشعبية، كما أنه استقبل رئيس الوزراء الإثيوبى أثناء زيارته للقاهرة، فكيف يمكن الاستفادة من جهودهما فى ذلك، ولماذا لا يتسع مقام القضية ليشمل كل المرشحين؟