الانتخابات الرئاسية المقبلة ستكون بطعم انتخابات مجلس الشعب أيام مبارك، لا أقصد التزوير وشراء الأصوات، لا سمح الله، إنما أقصد الجانب الحريف فيها.. البلطجة.. تكسير العظام.. الفضائح.. الهزار الثقيل.. التهديدات وأشكال التخويف. وقد رأينا بالفعل ملامح أولى لهذا الجانب الحريف فى الاعتداءات على عديد من المرشحين المحتملين.. طرد أحمد شفيق من منطقة إمبابة، والاعتداء على عمرو موسى وحملته أمام مسجد مصطفى محمود، ثم معركة الكراسى الأخيرة فى مؤتمره الشعبى بالزقازيق، وحملات المشايخ ضد حازم أبوإسماعيل، والاعتداء السافر على عبدالمنعم أبوالفتوح.. والبقية تأتى.
فضلا على ذلك، فمن المتوقع أن نتفرج على خناقات حامية وصراعات عنيفة بين المرشحين أنفسهم، وفى مرحلة من المراحل قد نصل إلى اكتشافات جديدة، وصفحات من التاريخ المجهول للمرشحين يتطوعون بإعلانها عن بعضهم البعض، ولعل بداية التلاسن بين البرادعى وشفيق وأبوالفتوح توضح لنا إلى أى حد يمكن أن يصل الصراع.
هذا الجانب المثير والحريف فى مشهد الانتخابات الرئاسية ربما يغطى على مسألة التمويل المرتبطة بهذه الانتخابات، وبالنسبة للحملات المعلنة للمرشحين أنفسهم، فقد حددت اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة الضوابط، والحد الأقصى للإنفاق لكل مرشح، إلا أن اللجنة العليا لم تحدد، ولم تتطرق أصلا إلى التمويل الداخلى والخارجى بقصد «تجييش» وحشد الأصوات وراء مرشح بعينه، وهنا تحديدا ملعب واسع لرأس مال أجنبى وعربى ومحلى يمكن أن يتدخل لترجيح كفة هذا المرشح أو ذاك.
تسألنى: من أين أتيت بهذا الكلام؟.. أقول إن الشواهد حولنا واضحة لكل ذى عينين.. هل هناك خلاف على أننا فى مرحلة التصويت بالكتل الضخمة.. بالريموت كونترول.. ألم تقرأوا تصريحات قيادات السلفيين عن «المرشح الرئاسى الذى فى ملعبهم».. ألا تتعلمون من تجربة أموال أنصار السنة التى استطاعت تكوين خمسة أحزاب فى وقت قياسى، وحصد نسبة مؤثرة فى البرلمان بمجلسيه؟ وهل تتصورون أن الدول الكبرى، والعربية الصغرى، تتفرج مثلنا على خناقات المرشحين، وتنتظر ما ستسفر عنه صناديق الانتخابات؟، أم أنها تتدخل فى بنية عملية التصويت نفسها لتكوين تيار يصب فى مصلحة مرشح تدعمه؟
ما يحدث حولنا، وما يتم ترتيبه لنا خلال الأيام المقبلة، يجعلنا نكفر بخرافة صناديق الانتخابات فى مراحل التحول والانتقال إذا لم نكن قادرين على قطع الأيدى التى تتلاعب بها.. وأضعف الإيمان أن نعمل على كسر الريموت كونترول، وتصويت القطيع، ليكون لكل مواطن صوته الحر الذى يذهب إلى المرشح الأنسب والأفضل.