رمضان العباسى

خطايا العسكر وزلات الثوار

الجمعة، 03 فبراير 2012 04:38 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مثل هذه الأيام من العام الماضى كان المصريون على قلب رجل واحد بكل توجهاتهم واختلافاتهم الأيدلوجية والفكرية، لذلك تحقق هدفهم وانتصروا على أعتى نظم الاستبداد وأزاحوا مبارك وأعوانه عن الحكم ليسدل الستار على أحد مراحل الديكتاتورية فى تاريخ مصر، ولكن سرعان ما تصدع هذا الترابط وانشطر ذلك التلاحم وتشرذم المصريون إلى شيع وتيارات متباينة، وأصبح لكل منهم هدف خاص فتغيرت لوحة الفسيفساء التى رسمها العالم لميدان التحرير، وتحول التناسق فى الألوان إلى نشاذ وتنافر لا تستثيغه العيون ولا تألفه القلوب.

لم يأت هذا التشرذم من فراغ، وإنما نابع من زلات الثوار وخطايا المجلس العسكرى، حيث تكمن زلات الثوار فى غياب القائد الذى يقود الجماهير ويسعى إلى تلبية مطالبها وتحقيق أحلامها، فقد ذهب المصريون إلى بيوتهم بعد أن تم خلع النظام ظناً منهم أن الثورة انتهت وتحقق الهدف، ولكن سرعان ما بدأت المظاهرات الفئوية فى محاولة لقطف الثمار، وبدأت خطايا المجلس العسكرى تتوالى فى محاولة منه لنزع الدسم من الثورة، فتوالت الأخطاء وتعثرت الثورة فى كثير من الأوقات، وتكمن الخطيئة الأولى للمجلس فى تحويل مظاهر الفرح والتفاؤل واحتضان الشعب لقوات الجيش والثقة المتبادلة بينهم إلى شك وريبة، وبدلاً من معالجة الأمر تحول الشك إلى اتهام واشتباك وعنف أدى إلى سقوط العشرات من الشهداء، وبالرغم من ادعاء المجلس العسكرى أن من دخلوا معه فى مناوشات بماسبيرو، ومحمد محمود، ومجلس الوزراء، بلطجية ومخربون مما يعنى أن القتله مجرمون كما كان يدعى المجلس والحكومة، ولكن المجلس سرعان ما جعلهم فى عداد الشهداء ولهم كل حقوق ثوار 25 يناير، وكأنه يمنح الشهادة لمن يشاء ويمنعها عمن يريد، فى مشهد يفضح التغيرات المتوالية فى أقواله وأفعاله. وعندما حاول المجلس أن يصدر الأزمة إلى الآخرين عبر اتهام جهات داخلية وخارجية بالوقعية بين الشعب والجيش وجد نفسه فى أزمة خارجية بجوار أزماته الداخلية.

أما الخطيئة الثانية فكانت فى قيام المجلس بتغيير الخريطة الزمنية لتسليم السلطة، فبعد أن كانت سته أشهر أصبحت عامين وبعد ضغط الجماهير أصبحت عاما ونصف العام، ولكن احتمالات تغييرها لازالت قائمة.

وتكمن الخطيئة الثالثة فى قيام أفراد من الجيش بعمل اختبارات كشف العذرية للفتيات، إضافة إلى مشاهد سحل وتعرية وضرب بعض النساء اللاتى شاركن فى تظاهرات ضده.

والخطيئة الرابعة تتعلق بإصرار المجلس العسكرى على الاستعانة بكافة الأشخاص المنتمين للنظام السابق، فالفريق أحمد شفيق كان وزيرا للطيران المدنى، والدكتور عصام شرف كان وزيرا للنقل وخرج مع حدوث كارثة لأحد القطارات، بينما كان الدكتور كمال الجنزورى رئيسا للوزراء فى تسعينيات القرن الماضى، لذلك استمر التخبط والسوء الإدارى كما كان فى عهد النظام البائد لأن الأشخاص أنفسهم والفكر ذاته، فماذا ينتظر الشعب من قيادات تربت فى مدرسة الفساد فى عهد مبارك.

أما الخطيئة الخامسة فتظهر فى المحاكمات الصورية للنظام البائد ومسلسل البراءات للضباط المتهمين بقتل المتظاهرين. وتتعلق الخطيئة السادسة بالتستر على ملف الأموال التى نهبها النظام البائد وعدم التحرك الفعلى لعودتها للبلاد بدلاً من التوسل من صندوق النقد الدولى. بينما كانت الخطيئة السابعة تتعلق باستمرار المحاكمات العسكرية وكأن البلاد لم تشهد ثورة من أجل الحريات، بل يحاكم المجلس المتهمين بقتل الثوار فى محاكم مدنية ويطلق سراحهم يخربون فى البلاد، بينما يلقى القبض على معارضيه ويحاكمهم عسكريا، أما الخطيئة الثامنة فكانت فى عدم قيام المجلس العسكرى بتطهير البلاد من الفساد ومحاسبة الفاسدين، واستمرار الفلول فى العبث بأمن المواطنين وتحريك البلطجية بالريموت كنترول، وبقاء الداخلية والإعلام كما كانوا فى عهد النظام السابق، بالإضافة إلى التأخير فى اتخاذ القرارات، أما الخطيئة التاسعة فكانت فى محاولة المجلس أن يصنع لنفسه دولة خارج إطار الدولة من خلال المزايا التى يطالب بها دون أن يدرك أنه يأخذ البلاد إلى النموذج الباكستانى.

لذلك لن ينتهى مسلسل الخطايا إلا بتسلم البلاد إلى إدارة مدنية قادرة على تحقيق رغبات الجماهير، ومحاسبة جميع الفاسدين، والقصاص لشهداء الثورة، وعودة المجلس العسكرى إلى مهامه الطبيعية فى تأمين حدود الوطن، كما يجب أن يعلم المجلس أن الخطيئة الأكبر التى ستوحد المصريين على قلب رجل واحد ضده كما حدث مع مبارك هى محاولة خلق ظروف معينة من أجل تأخير انتخابات الرئاسة أوالعبث بها لأنها ستصبح أم الخطايا.








مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

السيدعلى

الحقيقة الغائبة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة