نحتاج إلى أن ننزع عقولنا كى نصدق أن مذبحة بورسعيد، التى راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات المصابين، تفجرت بسبب «يافطة» تافهة، حملها مشجع موتور يسب فيها شعب بورسعيد، ونحتاج إلى أن ننزع عقولنا كى نتصور أن ما حدث هو نتاج تلقائية التشجيع، الذى يصل بالمشجع المتعصب إلى ذروة الانفعال والتوحد مما يؤهله إلى التضحية من أجل فريقه.
نحتاج إلى أن ننزع عقولنا كى نستقبل حججًا فرعية أدت إلى كارثة أبكت الجميع وهم يشاهدون على شاشات الفضائيات جثث ضحايا، وهستيريا تدمير، وقتل بلا رحمة، وحرائق تتصاعد.
نحتاج إلى أن ننزع عقولنا، كى نتحدث عن طرف غائب لا يتم الكشف عنه، ارتكب المذبحة، وأعد لها فى الحجرات المغلقة بدون علم المسؤولين.
نحتاج إلى أن نثبت عقولنا حتى نعرف أننا نعيش فى ظل حالة ممنهجة للتدمير والتمزيق، ولا يجب أن نفصل بين حوادث الخطف التى تزايدت، وحوادث السطو على البنوك وسيارات نقل الأموال، وقطع الطرق، وبين ما حدث من مذابح فى بورسعيد، فجميعها تؤدى إلى غرض كبير وهو «شيطنة الثورة» بدرجة تؤهل إلى الترحم على زمن مبارك، كما تؤدى إلى تنفيذ مخطط خارجى وهو إضعاف مصر بدرجة لا تقوم معها قائمة، فمن المسؤول عن ذلك؟
فى حوادث سابقة، أولها كان أمام السفارة الإسرائيلية، قيل إن رجل أعمال جند 150 شخصًا، ودفع لكل شخص من 5 آلاف إلى 11 ألفًا كى ينفذوا مخطط الهجوم على السفارة، ولم يتم الكشف عن هذا الرجل، وفى حوادث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء قيل إن هناك فلولاً حرضوا، وبدلاً من الكشف عنهم تم توجيه الاتهام إلى شرفاء شاركوا فى مسيرة الثورة.
ولأن هذا الطرف «الثالث» المجهول لا يظهر ستبقى المسؤولية فى رقبة المجلس العسكرى، فإما أنه يعرف ولا يكشف، أو لا يعرف، وفى الحالتين يتحمل الإدانة كاملة، فلا هو حافظ على هيبة الحكم بشفافية القول والكشف عن الحقائق، حتى يشرك الشعب فى المسؤولية، ولا هو أجاد فن الحكم، حتى يبدو صاحب هيبة ترهب من تسول له نفسه الخروج عن مسؤولية الحفاظ على أمن البلد، وأرواح شعبه التى تضيع هباء ودون مبرر.
المواجهة أكبر من محافظ تتم إقالته، ومدير أمن وطاقمه يتم التحفظ عليهم.