حنان حجاج

أنس.. ويس

الأحد، 05 فبراير 2012 03:45 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أطفال مصر ليسوا مشاريع بلطجية، أطفال مصر ليسوا فاقدى الوعى حتى لا يثوروا، أطفال مصر ليسوا رخيصى الثمن، أطفال مصر مشاريع، مستقبل، أطفال مصر دفعوا معنا ثمن سنوات الفساد الماضية وشهور الانتقام الذى يمارسونه علينا جميعا لأننا صنعنا ثورة ضد أسيادهم.

وجه أنس الباسم الممتلئ ببشاشة الطفولة، وشعره الملتف كخواتم الذهب، يشبه تماما وجه يس ابنى، نفس الملامح وسنوات العمر تقريبا. نفس الضحكة الجميلة والحماسة لفريق الأهلى الذى يذهب للاستاد ليشجعه ويعود ضاحكا قائلا بكل فخر: «غلبناهم»، ويبدأ فى الحكى عن الأهداف، ومن صنع اللعبة ومن مرر الكرة، وكيف كان حارس مرماهم ضعيفا، تجلجل ضحكته العالية مختلطة بالطفولة والمراهقة التى تدق بابه.

هاجمتنى الفكرة لو كان أنس هو يس، لو ذهب يس يوما للاستاد وعاد لى بلا روح، لو رأيته جثة هامدة بلا ضحكة وبلا ابتسامة، لو عجزت عن حضنه الدافئ فى أيام الشتاء الباردة، ماذا أفعل يا رب؟.. هل أموت أم أصرخ أم ألعن كل يد امتدت لطفلى؟ هل سأصمت وأقول الحمدلله المهم استقرار البلد معلش أهو واحد من أكثر من ألف غيره ماتوا فداء للنظام منذ أيام مبارك وحتى خليفته؟ هل سأبتلع حزنى وكربى وأكتفى بالدعاء لخير أجناد الأرض الذين يحكموننا.. أم أقول إن رجال الداخلية شرفاء وفعلوا ما عليهم ولم يكن يمكنهم أن يتدخلوا فى شغب ملاعب لن يضر أحدا؟.

هل سأشاهد جلسة مجلس الشعب بينما يتم تكفين ابنى لأتابع ما سيفعله أعضاء المجلس الذين استبشرت فيهم خيرا وقلت هؤلاء يعرفون الله ولن يخونوا الأمانة وقد أقسموا بأن يرعوا مصالحنا وزادوا عليه بما لا يخالف شرع الله؟ هل أنتظر منهم القصاص لابنى الذى قُتل غدرا لأن شرع الله يقول: «ولكم فى القصاص حياة»، لأن كتاب الله الكريم يقول: «ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما» صدق الله العظيم، لأن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «لئن تهدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من أن يهدر دم امرئ مسلم»؟

هل سأشيّع جثمان ابنى بينما كلمات المشير تتردد فى أذنى وهو يقف مستقبلا لاعبى فريق الأهلى ومن نجا من رفقاء ابنى مساءً، واستلمنا نحن، جثامين أبنائنا بلا حضور رسمى؟ لا يهم.. ولكن هل أستمع للمشير، وهو الذى يدير شؤون العباد وسيسأل عنهم يوم لا مشير ولا غفير أمام الله؟ هل سأستمع إليه وأدفن جثمان ابنى، ثم أذهب لبورسعيد لأقتل أطفالها ورجالها، لأنهم من فعلوا هذا، كما قال المشير لنا نصا: «من فعل هذا ناس من الشعب ومش عارف الشعب ساكت ليهم ليه الشعب لازم يتحرك ويتصرف معاهم»؟

كم طفلا من أطفال بورسعيد سأقتل مقابل ابنى.. كم شابا سأنحر وأخنق كما حدث مع أبنائنا.. كم أما سأدمى قلبها.. كم حلما سأدفنه فى تراب القبر.. والأهم، كم وطنا أملك لأشعله كما يريد المشير؟!

آسفة يا سيادة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أنا مواطنة مصرية عادية طيبة القلب ككل المصريين، أموت كمدا لكنى لا أقتل عصفورة، أنتظر القصاص من أولى الأمر، ولا أجرؤ عليه بيدى، أسمع كلماتك لكنى لا أصدقك، وعندما يصيبنى الكرب والعجز أدعو الله شاكية ضعف قوتى وقلة حيلتى وهوانى على من يحكمنى تماما، أنا كالثورة سلمية، ولا تعرف سوى الموت وجنازات الشهداء وصورهم على صفحات الفيس بوك، ويافطات ميدان التحرير.

لكنى أيضا أعرف أن من يقتلون ويسجنون أطفال مصر بعد أن شبعوا من شبابها ليسوا منا، ليسوا بطيبة قلوبنا، وأن أرض مصر ستنشق يوما بزلزال يبتلع كل طواغيت الظلم، وكل من حكموها، كى يسرقوها، بكل من استحلوا دماء أطفالها واستباحوا لأنفسهم أن يضعوا فى زنازينها أجمل زهورها.

أطفال مصر ليسوا رخاصا، وطيبو مصر ليسوا بلهاء، وأمهات مصر سيتنمرن عليكم قريبا، فليس هناك أغلى من فلذات الأكباد، فاتقوا شر الحليم إذا غضب، ونحن غاضبون غاضبون غاضبون.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة