فليسامحنى جمهور السينما المصرية إن خلطت متعمدا بين اسمين لفيلمين شهيرين، (الراقصة والطبال، والراقصة والسياسى) فمقتضيات المرحلة تتطلب هذا الخلط، إذ لا فرق الآن بين الطبال والسياسى، فالأول يقوم بدور الثانى فى الفضائيات والصحف وصياغة البيانات، والثانى يقوم بدور الأول فى الاجتماعات والمجالس واللجان والمناقشات، بينما الراقصة تظل على حالها «راقصة» خاصة إن كانت من سكان العالم الثالث أو العاملين بكباريهات الدرجة الثالثة، تتاجر بجسدها وتدعى الشرف، وتمنح نفسها لمن يدفع أكثر وتدعى العصمة والرشاد والعفاف، ولست ألوم على الراقصة إن فعلت كل هذا وتناست أصلها فهذا «طبيعة عملها» لكن اللوم كل اللوم على من يصدقها متغافلا، أو يبتسم لها مقتنعا، أو يصفق لها متحليا ببلاهة أصيلة أو مفتعلة.
لو كان الفنان الكبير أحمد زكى حيا بيننا الآن لتأكد من أنه فشل فى أدائه دور الطبال، ولير الآن كيف يطبل الطبالون، ولأنى لا أريد أن أظلم فناننا الكبير، سأقول فقط إن العصر اختلف، ففى زمن «زكى» كانت الإيقاعات أفقر من الآن، كانت الإيقاعات «على واحدة ونص» و«الملفوف» و«الزفة» و«المقسوم»، أما الآن فقد دخلت إيقاعات أخرى فنرى أحدهم يتفنن الإيقاع «الخليجى» والآخر يتفنن فى «المارش» والثالث يبتكر إيقاعا مستخلصا من النشيد الوطنى، ويتبارى الجميع فى عرض بضاعتها، واللى ما يشترى «يصقف».
تعرف الجماهير أن الطبال «طبال» لا أكثر ولا أقل، لكنها سرعان ما تتأقلم مع هذه الحالة الشاذة وتظن فى زمن كثر فيه الطبالون واحتلوا المقاعد والصناديق والفضائيات والكلام واللجان والاستشارات والمبادرات والأحزاب والجماعات والائتلافات والتيارات أن الطبل هو القاعدة، زاد الطبالون عن الحد، وكلما زاد عددهم تبغددت الراقصة على جمهورها، لتحصد ما بجيوبهم من أموال، وما بأيديهم من نقوط، وما ببضائعهم من عمولات، يطبل الطبالون «بهدوء» على أدمغة السامعين و«بصراحة» وقحة كما لو كانوا صادقين، ملتحقين بـ«مصر الجديدة» بعد أن كانوا سببا لخراب مصر القديمة، يقولون بفم مليان «هنا القاهرة» غير عابئين بأن القاهرة ليست ماخورا، مدنسين كل معنى نبيل وكل غاية شريفة، وإذ ليس يهمهم من الأمر شىء إلا رضا الراقصة.
يظن الطبالون أن الأمر استتب لهم، بعد أن حصدوا من المغانم ما أرادوا، لكنهم يتناسون أن الراقصة عجوز، وأن وجهها القبيح سينكشف مع أول خيط ضوء فى النهار الجديد، وأن أحمر شفاهها وكحل عينيها وبودرة وجهها ستنصهر تاركة إياها على حقيقتها، مسخا مخيفا، ليظهر فمها بلا أسنان، ورأسها بلا شعر، وجلدها المترهل المتكلس.
يسقط يسقط حكم العسكر.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
السنوسي
يسقط يسقط حكم الأقلية !!
عدد الردود 0
بواسطة:
اشرف ابو عميرة
تسقط ديكتاتورية الاقلية
تسقط ديكتاتورية الاقلية
عدد الردود 0
بواسطة:
نيازي مصطفى
كـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــافٌ
عدد الردود 0
بواسطة:
ثروت
مش فاهم ؟؟؟؟!!!!! إيه علاقة الكلام ده بحكم العسكر؟