ما يحدث فى البلاد من أعمال عنف متبادل بين قوات الأمن وشعب لم يحصل بعد على حريته وحقه فى العدالة والعيشة الكريمة هو انحراف عن مسار الثورة ونتيجة طبيعية لعدم تطهير النظام بالبلاد الذى أفسد على مدار الـ30 عاما من حكم الرئيس السابق وأسرته وحاشيته، فالثورة عندما قامت كان لها أهداف محددة متمثلة فى إسقاط النظام السابق.. إسقاط منظومة كاملة برجالها وأفكارها وإدارتها لشئون البلاد – عكس ما حدث تماما فى إسقاط الرئيس السابق وأسرته وعدد لا يثمن ولا يغنى من جوع من المحيطين المقربين للمؤسسة الرئاسية وبعض رؤوس المنظومة السابقة، وتركوا كل المنظومة قائمة تنهش فى جدار الثورة الذى بنى لنحتمى فيه جميعا ويكون سندنا لبناء دولة الديمقراطية قائمة على الحرية والعدالة.
وهو الأمر الذى غير مسار الثورة وجعلها لا تحقق أهدافها "من عيش وحرية وعدالة اجتماعية" ولا ينكر أحد أن الانحراف الذى تم لهدف الثورة من إسقاط النظام لإسقاط الرئيس والمقربين له، كل ذلك جاء بتخطيط من منظومة المخلوع التى مازالت موجودة بيننا وتنعم بكل الأمن والأمان وتعم فى الأرض فسادا والأخطر أنها سوف تفعل كل شىء بدءا من أحداث ماسبيرو وانتهاء بكارثة بورسعيد التى راح ضحيتها مستقبل البلاد وأملها من الشباب الطاهر الذى قام بالثورة ولم يحصل على حقه منها بعد، كل ذلك ليمنعوا الوصول إليها استغلالا لسلاح لا يمكننا التصدى له وهو المال والثروة التى حصلوا بفضل انتماءهم للنظام السابق وهم الآن يردون الجميل لصانعهم.
ولكن حتى لا تكون الصورة متشائمة وحتى لا نحس أنه لا يوجد أمل فى إصلاح ما أفسده النظام، يجب على القائمين بالحكم خاصة مجلس الشعب المنتخب من الشعب أن يقوم بدوره، فلا خيار بين الديمقراطية والديكتاتورية والانفراد بالحكم إلا بالمكاشفة وإعلان الحقائق على الشعب، وأتساءل أين تحقيقات أحداث ماسبيرو وقصر العينى ومجلس الوزراء ووزارة الداخلية وملف التمويلات الخارجية لمنظمات المجتمع المدنى كلها لم يعلن عن نتيجتها حتى الآن لماذا؟ ومن أجل أن تموت حولت إلى لجان تقصى الحقائق التى يعلم الله وحده متى تنتهى من أعمالها وهل سيتم الإعلان عما انتهت إليه أمور كلها مشكوك فى حدوثها، سواء فيما يخص إعلان الحقائق كاملة غر منقوصة. ويجب عليهم "أعضاء مجلس الشعب " الإصرار على تطهير مؤسسات الدولة من رموز النظام السابق والمنتمين إليه من قبل وإجراء هيكلة حقيقية لوزارة الداخلية من أجل إسقاط المنظومة السابقة التى عمت فى الأرض فسادا، ولنبدأ بعد ذلك بمجموعة من القرارات على رأسها عدم التجديد لمن يحال للمعاش تحت أى مسمى لنفصح المجال للأجيال القادمة لتتولى شئون البلاد فى منظومة عمل طبيعية وليعلم كل من يتولى المسئولية أن يعمل فى منظومة ديمقراطية وأن هناك صوابا وعقابا للجميع وأننا نعمل جميعا تحت شعار لا أحد فوق القانون. وآخر كلامى أتوجه للمولى العلى القدير أن يحفظ مصر من المتربصين بها .