لم يعط الناخبون أصواتهم لنواب البرلمان حتى يفعل كل نائب ما يحلو له تحت قبة البرلمان، وبالأمس انتقدت قيام بعض النواب بالاعتصام داخل المجلس، مشيرا إلى أن هذا خلط أوراق بين وعدم وعى لوظيفة النائب الذى بتصرفه هذا، يفقد وظيفة النائب الرئيسية، ويقدم مواقفه بطريقة أشبه بالاحتجاجات الطلابية.
وأجدد هذا النقد للنائب البرلمانى ممدوح إسماعيل نائب رئيس حزب الأصالة، والذى فاجأ الجميع أمس الأول بمقاطعة زميله أثناء جلسة مجلس الشعب ليؤذن العصر، وهذا الفعل لم يحدث فى تاريخ البرلمان المصرى، الذى تحكمه تقاليد يجب على النائب أن يعيها جيدا.
البرلمان مكان للعمل، والعمل عبادة، ولا ينتظر الناس من النواب أن يؤذن واحد فى القاعة، أو يقيم نائب الصلاة فيها، فهناك مسجد بجوار المجلس للصلاة، وإنما ينتظرون منهم ممارسة برلمانية قيمة، تحاسب الحكومة، وتصدر التشريعات التى تحقق المنفعة للشعب، وتكشف الفساد، والنائب الذى لا يعى هذه المهمة، ولا يمارسها حتى لو أذن للصلاة، وواظب عليها، فليس منه منفعة.
وحسنا ما فعله رئيس المجلس الدكتور سعد الكتاتنى الذى قال للنائب : « لقد تركتك تؤذن، ولكنك خالفت اللائحة، ولا تزايد علينا، فلست أشد إيمانا منا، ولست أحرص منا على الصلاة، وإذا كنت تريد الأذان فاذهب إلى المسجد لتؤذن، ليست قاعة المجلس للأذان، عاوز تصلى اتفضل روح المسجد، ولن يمنعك أحد»، وقال النائب سيد عسكر رئيس اللجنة الدينية بالمجلس: «إن النائب إذا كان يريد الأذان فعليه بالمسجد، وليس هنا مكان أذان، وأنا شخصيا صليت الظهر والعصر جمعا قصرا».
جلسات المجلس فى أيامها القليلة الماضية، تكشف حماسا بالغا من النواب، وتلك إيجابية تحسب له، لكن يبدو أن فائض هذا الحماس، يقود النواب إلى ممارسات لا تنتمى إلى الفعل البرلمانى بكل أدواته فى شىء، ولذلك ليس من العيب أن يطلبوا التعلم، عبر دورات فنية تكشف لهم ضرورات وظيفتهم.
وفى اعتقادى أن ما فعله النائب ممدوح إسماعيل، يتخطى حدود «الأذان» فى القاعة، إلى أهداف أخرى، تبدأ من قيامه بالإضافات التى ذكرها على قسم عضوية البرلمان، وكان هذا فتحا لتجاوزات من نواب آخرين فى ترديد القسم، ويومها التمس الناس العذر لهؤلاء على اعتبار أنهم جدد ومتحمسون، والآن ليس من المقبول الاستمرار فى هذه الممارسات.