"لهم ما لنا وعليهم ما علينا".. كلمات صدعنا بها قيادات الإخوان قبل الثورة وبعدها، إلى أن تمكنوا من مجلس شعبها الموقر، فلم يعد مجلساً للشعب بل أصبح مجلس السلفيين والإخوان، بدليل أنه حينما تُعطى الكلمة لأحد الليبراليين من أعضاء المجلس تجد هجوماً وأصواتا زاعقة "اجلس.. اصمت"، وكأن مصر بخير وكل شىء على ما يرام، فالإخوان حولوا المجلس من (مجلس شعب) إلى مجلس فرقاء يتطاحنون بعضهم البعض، فانقسم المجلس ليس لأفكار وطنية بل لأفكار عقائدية أيدلوجية، فسعوا لتجريم شباب التحرير من أتوا بهم إلى كراسيهم، وتجريم أعمالهم لتحقيق اتفاقيات جرت منذ بداية الثورة.
تمكنت التيارات الدينية من مجلس الشعب "السلطة التشريعية" -وربما تجتمع الثلاث سلطات معهم بعد فترة ليست ببعيدة - فهاهم استولوا على مجلس الشعب، وبقدرة قادر، بعد تمكنهم من السلطة ساءت أحوال مصر ويقدم شباب مصر أرواحهم يومًا بعد يوم، وقديمًا خربوا الحياة الحزبية والنقابية، والآن خربوا مجلس الشعب، وأصبح اهتمامهم الأوحد تنفيذ توجهاتهم وأجنداتهم، وضاعت كل وعودهم فقولهم، "لهم مالنا وعليهم ما علينا" أصبح فى خبر كان، واتضح أنه كان للاستهلاك فقط.. وسيد قراره مشغول بمسألة الخروج الآمن لمن مكنهم من البلد، وتحقيق الأجندات، وضاعت كلماتهم عن الوطنية والمساواة والعدل والحق، وعادت محاولات طرد أقباط مصر تحت سمع ومباركة سيد قراره، وكُمم الليبراليون وصمتت أصواتهم وضعفت رؤيتهم، وأصبح المجلس لا يشعر بالعار تجاه طرد أقباط إحدى قرى "العامرية" بالإسكندرية، لأن سيدة سيئة السمعة على علاقة بشاب منحل، فتكون النتيجة ترحيل أقباط القرية لأجل السيدة التى سمحت لشاب قبطى أن يكون على علاقة بها، فهذا الشاب طعن رجولتهم وطعن شرفهم وطعن سمعتهم، والشرف ما أدراك ما الشرف والعار، فصدرت الأحكام العرفية بترحيل الأقباط بمباركة وزارة الداخلية ذلك، بحضور رجال الشرطة، كما ذكر فى الخبر التالى: "قامت الحركة السلفية بالعامرية بالتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين والمباحث الجنائية، بقرية النهضة بالعامرية، بتهجير قسرى لـ8 أسر مسيحية بحجة تهدئة الشارع، فقد نظم أول أمس، الأربعاء، 1 فبراير جلسة بمقر مباحث العامرية وبحضور السلفيين والإخوان وأمرت بتهجير كل من: ابسخرون خليل متزوج ولديه 3 أطفال، عادل خليل متزوج ولديه طفلان، ميلاد خليل متزوج ولديه طفلان، لويس خليل متزوج ولديه طفلة، وكذلك ترحيل مراد جرجس وأولاده ورومانى جرجس ومراد جرجس وأسرتهما، كما قررت المحكمة السلفية تكوين لجنة لبيع ممتلكات المسيحيين المهجرين، وهى اللجنة التى يرأسها الشيخ "أبو بكر"، كبير السلفيين بالعامرية، وقد رفض المسيحيون الحاضرون للجلسة القرار فأجبروا على الموافقة، بحجة التهدئة، وقيل لهم من يريد العودة يرجع وعلى مسئوليته الشخصية إذا تعرض لأى اعتداء أو مكروه.
إن مصر لم تتغير، بل تغيرت صورة رجال الوطنى إلى رجال الجماعات الدينية.
ولى هنا تساؤل، أين الإعلام المضلل ليبحث ويلقى الضوء على هذه الأزمة أم أن الاهتمام الأوحد للجماعات السلفية والإخوانية وليس مصر ومصير مصر، وبناءً على ما سبق، فالإخوان والجماعات الدينية لم يتجملوا حينما صرحوا مرارًا وتكرارًا بأن "لهم ما لنا وعليهم ما علينا".