الشعور السائد لدى كثير من المصريين هو أن الدولة تتفكك، وأن الأمن أصبح مخترقا وأننا قاب قوسين أو أدنى من العودة إلى تشكيل لجان شعبية فى الأحياء وأمام البنايات لحماية ممتلكاتنا وذواتنا، هذا الشعور لم يأت من فراغ، وإنما تعدد الحوادث الإجرامية فى الشارع من اختطاف أطفال لطلب الفدية، لسرقة المحلات والسيارات والمنازل وفى أماكن وبطرق مختلفة من الجمهورية، أدى إلى أن الأمن أصبح غائباً، وتوقع الأسوأ.
والمشكلة ليست فى المتظاهرين فى شارع محمد محمود أو الفلكى، أو شارع منصور وهى الشوارع التى تؤدى إلى مبنى وزارة الداخلية، وإنما المشكلة أن الأمن انحصر وأصبح كل همه هو حماية مقراته ومبانيه.
لا ينكر أحد الجهد الذى بذله وزير الداخلية عندما تولى منصبه منذ شهرين تقريباً، ولأنه من خلفية رجل شرطة جنائى احترافى، لم تكن له خصومة مع أحد، تم الترحيب به من أغلب القوى، وقاد بنفسه حملات لضبط الشارع عبر نزول مكثف للضباط من مختلف الرتب وإزالة أى تعديات على الطريق العام والميادين فى محافظات مصر المختلفة، فقد كان واضحاً أن لديه رؤية لإعادة الشرطة لدورها الأساسى فى حماية أمن وأمان المواطن وإبعادها عن أى دور سياسى أو احتكاك مع متظاهرين أو تصد لهم، أيضاً اهتم بالأمن الجنائى والانتشار فى الميادين العامة والشوارع والطرق السريعة وتحريك الكمائن لضبط الخارجين على القانون، وشحن همم ومعنويات الضباط والجنود، كل هذه الجهود كانت تتابع باهتمام شديد من الأمن العام والجميع استحسن هذا وأيده.
السؤال: ما الذى حدث؟ لماذا تدهورت الأوضاع فجأة ؟ سطو مسلح على بنك فى القاهرة الجديدة، اختطاف سيارة نقل أموال فى حلوان، تفجير خط الأنابيب فى سيناء، اختطاف اثنين من الأجانب فى جنوب سيناء، وسطو مسلح على قرية سياحية بالغردقة، ثم تفجر الأوضاع فى بورسعيد بمجزرة يسقط فيها ما يزيد على 70 قتيلا من أطهر أبنائنا، وهى الحادثة التى تشير الكثير من الدلائل على التدبير المحكم والتخطيط المسبق لارتكابها، التفسير الذى يقدم الآن من الدولة هو طبعاً نظرية المؤامرة من أن هناك من يريد أن يسقط الدولة وأن يشيع الفوضى، وبالطبع يوضع على رأس هؤلاء الثوار ومجموعات 6 أبريل على وجه الخصوص، وطبعاً لا مانع من الزج باسم د. البرادعى -كمان- كمحرض لتكتمل الدائرة وربطها بقوى خارجية.
وبالطبع هذا السيناريو ينقصه الدليل، فهو لا يعدو أن يكون أقوالاً مرسلة لا تقف على قدمين، وفى الحقيقة فإن الأمر يكمن فى بنية النظام الذى لا يزال يحتفظ بكل مكونات الدولة القديمة ولا يريد أن يفقد مكانته ولا سيطرته ونفوذه، وفى هذا يمكن له أن يفعل كل ما يمكن أن تتخيله وما لا تتخيله، بما فى ذلك شلالات الدم والفوضى.
الحقيقة أننا أمام دولة تفككت صواميلها تماماً وأصبحت على وشك الانهيار الفعلى، والخوف الأكبر من هذا التدفق غير العادى للأسلحة بمختلف الأعيرة ومختلف الأنواع بما فى ذلك أنواع لا يستخدمها إلا جيوش منظمة.
إن انضباط مؤسسات الدولة وانعقادها وترابطها يجب أن يتم بأسرع ما يمكن، ويأتى فى مقدمتها إعادة هيكلة وزارة الداخلية وأن تقوم على مبدأ الأمن الاحترافى الذى يحارب الجريمة ويحترم حقوق الإنسان ويكافح الإفلات من العقاب، ويعتمد مبدأ المحاسبة وعدم التستر على مرتكب جريمة أو إنكار الأخطاء إذا حدثت، فإعادة تجميع أجزاء الدولة وتربيط صواميلها مسؤولية كل القوى السياسية قبل أن ينفرط العقد.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مها
فين الفلوس ؟؟