الحرب الأهلية السورية أصبحت هى الثابت الوحيد على الأرض، وكأن الجميع اتفقوا على أن تكون الحل الدموى والبطىء للمشكلة السورية، النظام والمعارضة والأطراف الغربية الموالية للمعارضة، وكذلك روسيا والصين المؤيدتان للنظام السورى، ليس إيمانا بالنظام فى دمشق، ولكن بحثا عن أوراق فى الصراع المتواصل مع المعسكر الغربى.
ليس المهم إذن مع تواطؤ الأطراف الأربعة أن يتحول أفراد الشعب السورى إلى قاتل أو مقتول أو مهاجر غير شرعى، فالنظام الفاشى الدموى فى دمشق يتحصن وراء مفاهيم جوفاء عن الخائنين الذين يريدون تدمير البلد، ويرفض تقديم أى إصلاحات جذرية للشعب، بما فى ذلك التنحى وحقن الدماء والإعلان عن فتح باب تشكيل الأحزاب بعيدا عن الأمن، والمعارضة تكتفى بكشف مساوئ النظام والسعى لإسقاطه فى الخارج أولا بمواجهة الجنود النظاميين، وكلما انضم عنصر أو مجموعة من العناصر النظامية إلى المعارضة، اتسعت دائرة الحرب وأصبحت أشرس وأعنف، أما المؤسسات الدولية وعلى رأسها جامعة الدول العربية والأمم المتحدة ومجلس الأمن فقد اختارت مقعد المتفرج فى مباراة المصارعة بين فريقى الولايات المتحدة وفرنسا من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى.
وفق هذا الوضع تزداد وتيرة تهريب السلاح إلى سوريا، ويتواصل الطلب الشعبى عليه بحثا عن الأمن ودفعا لعقود من الخوف، وتعبيرا عن الخروج من الكبت السياسى الطويل، فيما تدفع واشنطن وباريس بحرب الاستنزاف ضد الجيش، وتدفع روسيا والصين بمزيد من الأسلحة للنظام السورى، حتى اللحظة المناسبة عندما تصل بكين وموسكو إلى تسوية بخصوص السماح للغرب بتطويق إيران.
الخاسر الأكبر من هذه اللعبة هو الشعب السورى الذى خرج من قمقم القهر إلى الانفجار بحثا عن الحرية، فوجد الأسلحة تصل إليه بسهولة ووجد الاستقطاب يقسم الشعب إلى وطنى وخائن أو ثورى ورجعى، أو نظامى ومعارض، وفى كل الأحوال تنطلق الرصاصة من طرفى هذه الثنائيات باتجاه الآخر، تحت رعاية النظام والمعارضة والمجتمع الدولى الذين يظن كل منهم أن الأمر تحت السيطرة ويمكن إنهاؤه، لكن الحقيقة المؤلمة تؤكد أن سوريا قطعت شوطا طويلا فى طريق الانهيار والحرب الأهلية، ولن تعود منه قبل سنوات.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة