هى معركة غير مسبوقة لم تشهدها مصر من قبل.. هذه المعركة سوف تدخل بنا بالفعل فى عهد الديمقراطية الحقيقية والتى ننافس بها كبرى دول العالم.. إنها المعركة الانتخابية المرتقبة خلال أسابيع وقد اشتعلت منذ شهور ولا تزال تزداد اشتعالاً مع دخول أسماء كبيرة فى حلبة الصراع.. اليوم تشهد الساحة كل ألون الطيف، فهناك مرشح ينتمى للتيار الإسلامى وآخر للسلفيين وثالث ينتمى إلى جهاز المخابرات ورابع كان نائباً للبرلمان وآخر كان رئيس جامعة الدول العربية، وبهذا تكتمل الصورة، إلا أن الذى غير كل هذه الملامح، هو دخول آخر مرشح وهو شخصية كبيرة ذو ملامح تاريخية عميقة وهو السيد منصور حسن رئيس المجلس الاستشارى وهو آخر وزير ثقافة وإعلام فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات وكان مرشحا لمنصب نائب الرئيس لولا أن أطاحت به وشاية،
فقد رفض منصور حسن بكل شجاعة حركة الاعتقالات التى قام بها الرئيس السادات يوم الثالث من سبتمبر 1981 - والتى شملت أكثر من ألف وخمسمائة شخصية سياسية ودينية إسلامية ومسيحية شملت مجموعة من قيادات الإخوان المسلمين مثل الشيخ عمر التلمسانى وسبعة عشر شيخاً فى قامته إلى جانب ستة عشر أسقفاً إلى جانب البابا شنودة الثالث الذى عزله السادات من منصبه ونفاه فى وادى النطرون.. كان منصور حسن رافضاً لهذه القرارات.. لم يكن يرى أن الأزمة تكمن فى هؤلاء.. بل كان يرى أن الأزمة فى عمق الفكر الذى أطاح بكثير من شباب الجامعات وبعض العامة، هذا الفكر مستورد من بعض البلدان العربية الشقيقة، ولا يناسبنا فى مصر، آمن به كثير من هؤلاء الأجيال،
والذى أكد أن فكر منصور حسن كان صائباً أن الأزمة لم تحل من نتيجة هذه الاعتقالات بل زاد الأمر سوءاً حتى وصل إلى مقتل السادات نفسه فى المنصة.. وطوال عمره وهو من الجادين القادرين على حسم الأمور بعيداً عن المزايدة ولهذا كله فقد عاش منصور حسن منعزلاً بإرادته داخل الوطن طوال ثلاثين عاماً هى فترة حكم الرئيس السابق محمد حسنى مبارك.. فلم يكن هناك وفاق بينهما ولم يكن هناك أى نقطة للتلاقى أو أى رأى يتفقان فيه.. حتى وصل الأمر إلى أزمة التوريث وبعد أن كان مجرد ترويج لفكرة،
صار مشروعاً يزايد عليه رجال مبارك بصورة هستيرية.. وكان منصور حسن فى قمة توجسه خائفاً على وطنه وعلى مستقبل الأجيال.. حتى قامت الثورة المباركة، لنجد من خلالها الفرصة لنستفيد فيها من خبرات منصور حسن وثقافته ونزاهته وفكره الذى يتسم بالموضوعية والحكمة بعيداً عن المغالاة أو الانفعال أو الهوى - وأنا اليوم لا أتحدث عن منصور حسن تحيزاً أو فارضاً رأياً على شعب.. ولكنى فقط أعبر عن مواقف تاريخية ثابتة للرجل لا أحد يمكن أن يزايد عليها.. وأرى من خلالها أنه الوحيد القادر على أن يخرج مصر فى هذا الوقت المعقد من تاريخها.. من عنق الزجاجة أو من النفق المظلم الذى أصبح يطاردنا ويباغتنا ومن الصعب أن نتحرر منه بسواعدنا فقط،
فنحن نحتاج إلى ربان السفينة الذى به يمكن أن نجتاز الخطر.. وعلى أى حال فإن الانتخابات قادمة ويوم الاقتراع سيكون لهذا الشعب العظيم القرار وصناديق الانتخابات هى الحكم والكلمة الأخيرة لمصر.. إن غداً لناظره قريب.