ألم يصل نبأ اعتزال نيللى وشيريهان لفوازير رمضان إلى السادة القائمين على إدارة شؤون الأحزاب المصرية؟ وأن كل المحاولات التى استخدمت فيها دينا ولوسى ومن على شاكلتهما فشلت وكانت سببا للضحك والسخرية لا للاستمتاع؟
يا أيها الجالسون على كراسى الأحزاب السياسية فى مصر المعلوم بالضرورة من الكلام يقول بأن عصر الفوازير انتهى، ويقول أيضا بأن انتخابات الرئاسة ليست فزورة.. ولكنها ربما تكون نكتة بسبب الطريقة التى تتعاملون بها مع الانتخابات وفكرة الإعلان عن مرشح الحزب أو المرشح المدعوم من الحزب.
الجماعة فى الأحزاب مرتبكون وخائفون ومرعوبون من تسمية مرشح بعينه، وكأنهم فى انتظار المرشح الذى تعلو موجته ليركبوها مثلما فعلوا بالضبط مع موجة الثورة، وأرجوك لا تخبرنى كلاما على شاكلة من حق كل حزب أن يدرس موقفه من المرشحين والانتخابات بشكل أعمق، لا تقل لى السابق من الكلام، لأنه غير مهضوم، ولأن الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة الآن لا تتمتع بأى قدرة على الدراسة والمناورة وخلافه، وإلا ظهرت كل هذه الكرامات خلال العام الماضى وظهر تأثير قدرتها على الدراسة والفحص والتأنى فى المرحلة الانتقالية التى نعيشها متخبطين مرتبكين.
الأحزاب التى تعتبر تلكؤها فى دعم مرشح للرئاسة أو تقديم مرشح للرئاسة نوعا من أنواع المراوغة أو المناورة السياسية، والأحزاب التى تخبرنا كل فترة بأن مرشحها مفاجأة وستعلن عنه فى الوقت المناسب، والأحزاب التى يخرج متحدثها الرسمى للحديث عن دعم المرشح الفلانى، ثم يخرج رئيس الحزب بتصريح آخر عن دعم المرشح العلانى، ثم يخرج نواب الحزب بتصريحات جديدة عن دعم مرشح ثالث.
كل هذه الأحزاب.. الوفد والنور والحرية والعدالة والمصريين الأحرار والديمقراطى والتحالف الشعبى فضحتهم لعبة الانتخابات الرئاسية، فضحت افتقادهم للرؤية، وغياب الالتزام الحزبى عن صفوفهم، وكشفت عن ارتباك داخل الصفوف، فهل يمكن أن تعتبر أن الصراع الدائر فى حزب الوفد على تأييد عمرو موسى أو منصور حسن صراعا سياسيا صحيا معبرا عن حرية فى الرأى والتعبير أم فوضى داخل حزب كنا نظنه كبيرا فكشفت لنا معركة الرئاسة أنه يدار مثل «الطابونة»؟ هل تعتبر أن تهديد حزب النور بفصل نوابه الذين أعلنوا تأييد ودعم حازم صلاح أبوإسماعيل تصرف حزبى حاسم وصارم، أم رد فعل قوى ومرتبك لحزب غير قادر على السيطرة على أعضائه أو منحهم القرار المقنع فى مسألة الرئاسة؟ هل تعتبر أن حالة التمزق التى يعيشها الحرية والعدالة حزب الإخوان المسلمين بين الشباب الذين لا يفهمون حتى هذه اللحظة لماذا تعادى الجماعة أبوالفتوح وترفض دعمه رغم أنه الخيار الأفضل نوعا من الخلاف الذى لا يفسد للود قضية، أم فوضى إدارية لحزب غير قادر على قراءة رغبات أنصاره من الشباب أو إقناعهم بمناوراتهم السياسية؟ وهل تعتبر أن حالة الرخاوة التى يعيشها أحزاب مثل المصريين الأحرار والمصرى الديمقراطى وعدم وضوح رؤيتها تجاه المرشحين عملاً سياسياً عاقلاً أم أنه يكشف عن فقر سياسى وعدم قدرة على اتخاذ قرار سريع؟
هى ليست فزورة يا صديقى.. انتخابات الرئاسة على بعد خطوتين، وتأخر الأحزاب السياسية عن إعلان موقفها للدراسة أو وضع المعايير المناسبة ليس نوعا من الشطارة لأنه ليس من المفترض أصلاً أن تحتار الأحزاب وقيادتها فى اختيار المرشح مثل حيرة المواطن العادى.. ليست فزورة يا صديقى ولكنها خيبة ثقيلة جداً لأحزاب لم تعتد اتخاذ القرار أو بمعنى أصح لا تملك منظومة محترمة قادرة على إفراز قرار صحيح فى وقت مناسب.