المجلس العسكرى الحاكم مع بقايا النظام وفلوله وأجهزة أمنه ومخابراته يتصرفون بطريقة مدهشة فى الشهور الأخيرة.. طريقة منسقة تماما وكأنهم عقدوا مجلسا حول مائدة «ليست مستديرة»، وقرروا أن يساهموا فى صنع ثورة جديدة بعد أن تباطأت خطى الثورة العظيمة وكاد مختطفوها أن يكملوا عملية ذبحها ودفن آمالها العظيمة، إنهم يتخذون خطوات تصعيدية تستهدف إيقاظ وعى المخدوعين فى شعارات المتأسلمين ووعود أجهزة الأمن ورصيد العسكر الذى تضاءل إلى ما دون حدود الأمان وهم فى خطواتهم التصعيدية يكررون «بدقة يحسدون عليها» نمط النظام القديم فى الاستجابة المتأخرة أو التجاهل الكامل أو التعالى المقيت أو الاستهبال مع شعب صناعته أن «يسوق الهبل مع الشيطان نفسه»:
1 - أحكام متوالية بالبراءة لقتلة المتظاهرين فى جلسات سريعة تهدر فيها الدلائل والقرائن المقدمة من النيابة بشكل مهترئ ومتعمد.
2 - سلوك بطىء ومتعال تجاه الكوارث التى تمس الأرواح وتمس أقوات الناس ومعاشهم وحياتهم اليومية.
3 - مؤامرات فجة مع مؤسسات حلت محل الحزب الوطنى المنحل وأصبحت تعمل بنفس آلياته ولكن بفجاجة وخبرة ضئيلة وبغياب كامل حتى لفكرة المواءمة السياسية التى برع فيها النظام السابق.
4 - مؤامرات ساذجة ومفضوحة لتشويه الثوار والمعارضين تنتهى بمأساة من نوع قضية التمويل الأجنبى.. فالدولة نفسها لا تستطيع مهما تحمس «الشيخ حسان» الاستغناء عن التمويل الأجنبى الذى يتم ابتلاع معظمه فى دهاليز الفساد وعصاباته المنظمة قبل أن «يشمه» الشعب المخدوع، ولذلك فهو لا يمانع فى قطعه لأنه لا يحس به أصلا، أما منظمات المجتمع المدنى التى لا ينكر أحد دورها فى تعظيم دور الرقابة الشعبية على الفساد والديكتاتورية والمناضلة من أجل أبسط حقوق الناس فى الحرية والكرامة والمساواة والتى يعمل معظمها فى أحلك ظروف القمع البوليسى والبيروقراطى منذ عقود فلا ذنب لها فى قضية تم اختلاقها على طريقة «اضرب المربوط» حتى يرتدع المزعجون الحقيقيون، و«المربوط» هنا منظمات أمريكان كبرى تقدمت بطلبات تسجيل وتعاملت معها الدولة بالطريقة التى تجيدها دائما وهى الترخيص الضمنى الذى «يضمن» فقط للحكومة أن تستهبل وقت ما تريد منكرة أى علاقة لها بالموضوع.
الأصل أن الأنظمة الغربية التى اكتوت بنيران الإرهاب تريد أن تسوق نظامها الديمقراطى فى مناطق الخطر، وهى لذلك تصرف الأموال وهذا حقها المشروع ويبقى حقنا فى صيانة أمننا الوطنى، ولكن فى ظل شفافية وأمام قانون عادل يكيل بمائة مكيال.. فنحن نلتقى مع الكثيرين فى أهمية الديمقراطية وأن تصبح جزءا من ثقافة الشعب ولا نخجل من تخلفنا فى هذا المجال ومن حاجتنا إلى الوقت والمال لكى نكتشف الطريق الذى يمكن لشعبنا أن يسلكه نحو الحرية والكرامة والحياة.
إن ما يفعله المجلس الحاكم الذى انتهى بعدم الاعتراف بفضيحة العذرية التى سبق أن اعترف بها أحد اللواءات فى محطة cnn والسماح بغلق القضية متجاهلا قهر الناس والمجتمع ومستهينا بمشاعرهم هو وقود ثورتنا الجديدة التى لا يبدو أنها ستتأخر كثيرا.