لست مهتماً ولا يجب أن تهتم أنت أيضا إن كان نواب مجلس الشعب الذين كشف النائب أبوالعز الحريرى بالأوراق الرسمية سعيهم للعفو الشامل عن الجرائم السياسية التى ارتكبت فى مصر منذ 6 أكتوبر 1981 وحتى 11 فبراير 2011 ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة أو من نواب حزب النور أو من نواب الوفد، فلم يعد هناك مكان فى القلب لكى تتفاءل أو تزرع آمالا تخص أداء هؤلاء النواب أو أحزابهم التى تقول الكلمة صباحا وتلقى بعكسها فى المساء.
لست مهتما ويجب أن تكون أنت كذلك بمدى إمكانية أن يكون القانون مخرجا وسببا فى براءة عدد كبير من رموز الظلم والإجرام فى نظام مبارك وربما مبارك نفسه، الذى ارتكب كل جرائمه السياسية فى الموعد الذى حدده النواب ليدخل تحت مظلة العفو، وإن كنت أستبعد ذلك، وأظن أن السادة النواب كالعادة لم يدرسوا القانون أو ربما لم يفهموا ما طرحوه، أو لم يدركوا بعد أن المدة الزمنية التى حددوها للعفو هى نفس المدة التى قضاها مبارك فى السلطة، وبالتالى يستحق، وطبقا لقانونهم، هو وأحمد عز وجمال وعزمى، عفوا عن كل جريمة كبيرة وصغيرة ارتكبوها على المستوى السياسى فى حق مصر.
لن أخوض فى تلك التفاصيل ولا التكهنات، لأن غرض مشروع القانون الذى قال أبوالعز الحريرى إن نزار غراب محامى الجماعات الإسلامية الشهير هو الذى يتبناه، واضح ولا هدف له سوى تبرئة كل عناصر التيار الإسلامى، حتى هؤلاء الذين فجروا وقتلوا الأطفال ورعبوا مصر بإرهابهم لسنوات طويلة، والدليل على ذلك هو اختيار يوم 6 أكتوبر 1981 الذى سقط فيه السادات قتيلا مغدورا بأيدى الجماعات الإسلامية لكى يكون بداية العفو، وسواء كان ذلك هو الهدف أو غيره فلابد أن يعرف السيد غراب والسادة النواب الذين وقعوا على المسودة الخاصة بمشروع القانون أن لهذا الشعب ولهذا الوطن حقوقا لا تسقط بالتقادم، ولا يمكن للعفو أيا كان شكله أن يدفنها فى باطن الأرض، ولابد أن يعرفوا أيضا أن العفو لا يستحقه هؤلاء الذين لم يرحموا مصر كلها وخرجوا من باطن الأرض يدفعهم الغدر وتغذيهم أفكار سوداء ليقتلوا السادات ويحوّلوا ذكرى الانتصار إلى ذكرى للغدر والعزاء، والمنصة إلى مسرح جريمة بعد أن كانت ساحة انتصار، لهذا لا يمكن أن نسامحهم أبدا.. فنحن لا نسامح القتلة.
لن نسامح خالد الإسلامبولى وعبدالسلام فرج وعطا طايل وعباس حسين وعبدالحميد عبدالسلام وعبود الزمر وكل من شارك بالقول والفعل فى جريمة السادس من أكتوبر سنة 1981 وما بعدها من تفجيرات لأتوبيسات المدارس والأقصر والحسين، ليس فقط لأنهم غدروا بالرجل يوم انتصاره، ولكن لأنهم فتحوا الباب لطوفان من الدم والعنف لم نتخلص منه سوى قريبا، فهم لم يقتلوا السادات فقط بل اعتمدوا السلاح من بعده وسيلة للتفاهم ونشروا فى أرض العالم صورة مشوهة وشريرة للإسلام، ولهذا لا يمكن أن نسامحهم أبدا حتى وإن عاد تلاميذهم بعد كل هذه السنوات ليعترفوا بخطئهم ويطلبوا لهم العفو والغفران، حتى وإن اعترف محاموهم وأبناء جماعتهم بأنهم تحركوا نحو المنصة بقنابلهم مدفوعين بحب مصر والغيرة على الإسلام.. إنهم قتلة ولا شىء آخر، والقتل غدرا جريمة لا تسقط بالتقادم، ولا يملك حق غفرانها سوى رب كريم.