سامح فوزى

مصر «المحلية»

الأحد، 18 مارس 2012 10:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دولة صنعت ثورة يتحدث عنها العالم كله، ويدعو الرئيس الأمريكى باراك أوباما للتعلم منها، كان يجب أن تكون محور الكون، ثقافيا وسياسيا، لسنوات، لا أن تكون معزولة محليا مثلما هو الحال الآن، لا تتمدد خارج حدودها، ولا يزورها سياسيو العالم، اللهم إلا لمعرفة طبيعة البديل الإسلامى الصاعد أى الإخوان والسلفى، لا أكثر ولا أقل. السياح لا يأتون لزيارتها، والشركات العالمية تتحاشى المجىء إليها، ومن يعمل بها يقلص عمله أو يتركها راحلا.

مصر أصبحت شديدة «المحلية». العالم يرقب بتندر طوابير الراغبين فى الترشح للرئاسة من سائق ومتعهد دفن موتى، وربة منزل. مشهد هزلى، يكشف أن مصر لم تعد سوى دولة صغيرة، انتخاباتها الرئاسية يتعامل الإعلام الخارجى معها بتندر أكثر ما ينظر إليها بجدية، ويبحثون فى المفاضلة بين مرشحين حقيقيين يمثلون تيارات سياسية متباينة.

مصر أصبحت شديدة «المحلية»، بعد أن أنجزت ثورة شعبية سلمية راقية، تحولت إلى ساحة جرائم من مسرح البالون والعباسية وماسبيرو وقصر العينى ومحمد محمود، وأخيرا بورسعيد. جرائم أسقطت ضحايا أكثر مما سقطوا أثناء المواجهة مع نظام مبارك، تخللتها توترات دينية بغيضة، وتكاثر فى العنف المجتمعى على نحو غير مسبوق. الجواب دائما عند «الطرف الثالث».

مصر أصبحت شديدة «المحلية»، بعد أن أسقطت نظاما سياسيا مستبدا، تعثرت خطواتها فى بناء نظام ديمقراطى، وغاب المنطق فى خريطة الطريق التى تتبعها، وسادها التلفيق، والصفقات السياسية، واتباع نفس الآليات القديمة فى عهد مبارك، لا تغيير ولا تطوير. برلمان يُنتخب لكن يطارده اتهام بعدم الدستورية يمكن أن يتحرك ضده فى أى لحظة، وأحزاب تتصدر المشهد، دينية محظورة بحكم القانون، يمكن أن يتحرك ضدها القانون عند اللزوم، المسألة برمتها رهن التوازنات، وعدم الخروج عن النص. يعنى ذلك أنه لا توجد رغبة فى بناء نظام سياسى مستقر ديمقراطى يتجاوز المصالح الحالية.

مصر أصبحت شديدة «المحلية»، بعد أن غرقت فى مشاكلها الداخلية، من رغيف عيش، لبنزين 80، لأنبوبة البوتاجاز، غياب التواجد الأمنى فى الشارع، تدهور المرافق العامة، إلخ. الغالب على النقاش فيها مشاكل «محلية»، لا تتعلق بالرغبة فى التقدم، ولا بوضع القدمين بثبات على الخريطة العالمية، ولكن هى مشاكل مجتمع يعيش يوم بيوم، لا يرنو ببصره أبعد مما هو تحت رجليه.

هذه هى مصر المحلية، التى تمد يدها للمساعدة، وسط خطابات عنجهية لا تصل لشىء، مثلما حدث فى أزمة «المنظمات الأمريكية»، أدرك ذلك رئيس وزراء سابق هو عصام شرف، فطاف البلاد بحثا عن مساعدة فى الوقت الذى كان فيه أول رئيس وزراء «مصر الثورة»، يزار من الناس ولا يزور هو، لكنه بضعفه، ومحدودية نظرة حكومته أيقن «محلية» مصر، فبحث يطرق الأبواب بحثا عن مساعدات، لم يأتِ إلا النزر القليل منها، وظلت مصر على «محليتها».





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

يحيي رسلان

نريد حلولا

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة