أذهلنى ما أعلنه «ألتراس أهلاوى» فى بيانهم الجمعة الماضية من سعيهم لتكوين جيش تكون مهمته القصاص لشهداء أحداث استاد بورسعيد.. ماذا يعنى ذلك؟.. هل تسعى تنظيمات الألتراس إلى التحول لميليشيات مسلحة تنفذ علميات قتل داخل بورسعيد مثلاً؟ أم تعنى تحول مظاهرات الخمسة آلاف مشجع إلى أتوبيسات تحمل الموت «أعضاء الجرين إيجلز» بدلاً من تنظيم مسيرة من النادى الأهلى إلى دار القضاء العالى؟ ما الذى يجرى بالضبط وكيف اجترأت قيادات هذه التنظيمات الهمجية المسماة بالألتراس على التفكير فى تكوين عصابات مسلحة تنفذ ما أسمته «بالقصاص» وكأننا فى الصومال أو على جبال تورابورا بأفغانستان؟ ألهذه الدرجة تراجعت قبضة الدولة فى أذهان الناس؟ ألهذه الدرجة يستخف كل من هب ودب بالقانون وبالأمن فى البلد؟
قد يخرج أحد الجاهلين ممن يملؤون وسائل الإعلام مزايداً ويقول شباب الألتراس معذور، لقد رأوا أصدقاءهم ورفاقهم فى الرابطة يقتلون أمام عيونهم والعدالة عندنا بطيئة، لقد مر 40 يوماً ولم يتحرك أحد!
أولاً، لا أحد يستهين أو يقلل من سقوط قطرة دم واحدة من أى مصرى أياً كان انتماؤه أو توجهه، ناهيك عن الشهداء والضحايا فى حادث مروع مثل مجزرة بورسعيد وثانياً، سقوط شهيد أو عشرات الشهداء من رابطة الألتراس أو من غيرها من التجمعات والروابط ليست مسؤولية الرابطة، بل مسؤولية الدولة وحدها، وعليها إعمال القانون لمعاقبة الجناة وتحقيق العدالة، وثالثاً، العدالة فى هذه الحادثة تحديداً لم تكن بطيئة، كما لم تكن متسرعة فتظلم بريئاً واحداً، والدليل على ذلك إحالة 75 متهماً إلى محكمة الجنايات بينهم 9 من قيادات الشرطة وعدد من مسؤولى النادى المصرى.
فهى وراء مصائب عديدة لا يحتملها البلد فى هذه المرحلة ولا فى أى مرحلة مقبلة، وأنا هنا أريد أن أسأل كيف واجهت بريطانيا مثل هذه التنظيمات التى تسببت فى كوارث مشابهة لعل أشهرها ما حدث فى مباراة ليفربول ويوفنتوس على استاد هيسيل تصدت الأجهزة المعنية فى بريطانيا لتجمعات الألتراس بحسم ومنعت استمرار روابطهم وحرمتهم حتى من دخول ستادات الكرة، ولا أجد إلا هذا المثل لأشير إليه، خاصة أن السادة فى ألتراس أهلاوى أصحاب العقليات المتآمرة بدأوا يركبون موجة الثورة، وأعلنوا فى بيانهم أن إحدى مهام جيشهم المنتظر حماية الثورةَ والحق أن الثورة بريئة منهم ومن أمثالهم.