مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رحل البابا قبل أن يبلغ مشروعه الوطنى نقطة المنتصف، هذه السنوات الشاقة الطويلة التى عاشها قداسة البابا، لم تكن كافية ليحقق كل ما كان يصبو إليه قلبه، أو تحلق إليه أحلامه، مات الرجل حزينا كما عاش، معتكفا كما اعتاد، مهموما بعدد أيام حياته.
مات البابا وهو ينتظر مشروع قانون دور العبادة الموحد، ليصبح من حق كل مسيحى أن يعبر حواجز الخوف ليصلى، يقطع طرقات القرية أو المدينة ليذهب إلى الكنيسة آمنا.
مات البابا وهو ينتظر مشروع قانون الأحوال الشخصية الموحد للأقباط، ليتحاكم أهل الملة بما أنزل عليهم من الكتاب.
مات البابا وهو ينتظر محاكمة قتلة الأبرياء فى حوادث الفتنة الطائفية، أو فى العمليات الإجرامية التى استهدفت الأقباط، مات البابا قبل أن يحاكم الجانى الحقيقى فى كنيسة القديسين، ومات البابا قبل أن تنزل العقوبة على قتلة الشباب أمام ماسبيرو، مات البابا قبل أن يزور القدس فى صحبة شيخ الأزهر، أو يفرح بتحرير الأرض المقدسة فى بيت لحم والجليل.
رحل رجل نبيل.. عاش سنوات طويلة مناضلا فى وجه كل شىء، فى وجه السلطة وفى صراع مع الطغيان، وفى حرب مع سفاحى الدم الحرام عبر العصور المختلفة، مات البابا قبل أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من فجر الدستور الجديد فى مصر، ليعرف هل ستكون مصر وطنا يعيش فينا، أم أنها ستصير بلدا تتبدل فيه ملامح المواطنة، ويتعرض فيه أبناء الأرض الواحدة إلى التقسيم والتمييز على أساس الدين، واللون، والجنس!
كل هذه السنوات الصعبة حصادها مشروع لم يكتمل بعد، وحلم لم يشأ الله له أن يتحقق، فهل يكون عزاء شعب الكنيسة، وشعب مصر جميعا، أن هذا الحلم لا يزال باقيا فى القلوب والضمائر! ربما تحين لحظة السطوع، فيصير واقعا ولو بعد حين.
اللهم ارحم الأرواح المعذبة التى عاشت على حلم مشروعات لم تشأ لها قدرتك أن تكتمل.
مشاركة