اليوم وقد حلت أوقات كتابة الدستور الجديد للبلاد، إيذاناً ببدء عهد آخر بعد ثورة 25 يناير التى شهد لها العالم كله واعترف بها الثوريون من كل أنحاء الأرض، حلت اللحظة الفارقة التى معها لابد أن نكون أكثر حكمة من أى وقت مضى.. وأكثر صبراً وتحملاً للمسؤولية.
الوقت دقيق وصعب وعصيب، فقد حدث خلال عام ونصف هى تاريخ الثورة منذ اندلاعها.. الكثير من الأحداث التى تشى بالفوضى واللاموضوعية والخلل الأمنى والخلل الاقتصادى والذى انسحب على قطاعات السياحة وغيرها.. الأمر الذى يدعونا إلى مراجعة كل خطواتنا وتدبير سبل جديدة تماماً عما خلت تستجيب لمطالب الشعب فى المرحلة الراهنة والسنوات القادمة التى نرسم للأجيال فيها الثقة نحو تحقيق أحلامهم أو على الأقل تقدير أقل الخسائر والوصول إلى أعلى حالات النجاح والتقدم، وقد شهدت أيضاً شهور ما بعد الثورة الكثير من الجدل حول ثوابت ما كان يجب أن نخوض فيها.. مثل الاستفتاء العقيم الذى دار فى أعقاب 25 يناير وانقسم فيه الشعب بدون أى دواع إلى فريقين، وكان أحدهما يدعو إلى تعديل كامل للدستور، بينما الآخر إلى تعديل بعض الفقرات.. وتحدث الفقهاء الدستوريون بين الأمرين وتعاظمت الأصوات واختلف الناس.. وفى النهاية لم يصل بنا الاستفتاء المزعوم إلى شىء بل أرى أنه وصل بنا إلى حائط سد، وكنت أخشى وقتها وحذرت من أن يصل هذا الاستفتاء إلى أزمة وطنية فقهية قانونية.. بل إنى حذرت إلى ما هو أكثر فقد خشيت مثل كثيرين مثلى من الغيورين على الوطن وسلامة استقراره من أن يتحول الأمر إلى فتنة طائفية، بعد أن استغل البعض الاستفتاء فى إشعال النزاع الطائفى، ورأينا من يدعو أهل القرى والبسطاء إلى التصويت فى الخانة الخضراء لأن الذى لا يفعل ذلك لن يدخل الجنة، وإن كنت أعرف أن هذا الموضوع قد استفدنا منه كثيراً فقد زالت أيام الطغيان ولم يعد الشعب يؤمر فيطاع حقاً أو ظلماً أو فساداً وقد استفاد كل الشعب من هذا الدرس، تعاهدوا ألا يسقطوا بعدها فى مستنقع الفتنة.. أما اليوم فكل المخاوف من أن ينفرد أحد صناع القرار فى صياغة الدستور الجديد بكل بنوده، زاعمين أنهم يمثلون الشعب كله وهذه سقطة أرجو ألا نستسلم لها لأنها تعيدنا إلى ما كان فى العهد الماضى حيث استبد الحزب الحاكم لمدة ثلاثين عاماً بصياغة كل أساليب حياتنا وكانت النتيجة ما وصلنا إليه من تمزق سياسى وفراغ حزبى وموت برلمانى والحمد لله أن حزب الحرية والعدالة وهو حزب الأغلبية فى البرلمان قد وعى ذلك تماماً وعهد للشعب ألا يكون حزباً مطلق الحرية فى اتخاذ الرأى وكلنا عهدنا ما فعله فى جلساته وفى كل مرة نتعلم قيمة جديدة من قيم العدالة والعزم السياسى الحقيقى ولهذا فقد تعهد الحزب ألا يكون حزباً وطنياً آخر.. تعهد أن يشارك كل الشعب فى كتابة الدستور وأسعدنى أن دعا كل الأطياف السياسية والدينية والاجتماعية والحزبية، الكل يشاركون فى كتابة الدستور الجديد، الذى به نطمئن ويطمئن العالم على أن مصر سوف تجتاز رحلة التشتت الحالية وشهور البلبلة والعقم السياسى إلى بر الأمان وإلى عهد جديد مع زعيم جديد يقود مصر إلى الأمام وإلى الحضارة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة