الدراسة التى أعدتها القابضة للغازات الطبيعية بشأن حقن نزيف الاستهلاك فى المنتجات البترولية، ومن خلال مراجعة الدعم الذى يصب غالباً فى جيوب القادرين وليس العكس..
تقول الدراسة إنه من الممكن توفير 70 مليار جنيه تدخل جيوب الأغنياء من إجمالى دعم المنتجات البترولية 120 ملياراً من بنزين مدعم تدار به محركات السيارات الفارهة للأغنياء وبوتاجاز يدخل لتدفئة مزارع الدواجن وسولار، بالإضافة إلى غاز طبيعى يستخدم فى مصانع الأسمنت والأسمدة بـ10% من ثمنه الحقيقى تدار به مصانع رجال ليكون سببا فى إنتاج سلع تدر عائداً على أصحابها شهريا بنسبة 400%. وهى صناعات تتسم بسرعة الدورة الاقتصادية وكذا المازوت وخلافه..
القاعدة تقول إنه كلما ازداد الغنى غنى ارتفعت معدلات استهلاكه التى ترتبط بالطاقة من مواد بترولية، وكذلك الكهرباء، فلا يعنى الأثرياء أن تدار أجهزة التكييف بمبرر أو بدونه، ولا يعنيهم أن تنطلق سياراتهم الفارهة فى كل مكان، بينما تتراجع قدرة الفقير عن الاستهلاك، خاصة فى مجالات الطاقة.. لقد ظل النظام خلال عقود من الزمن يمنح الأثرياء من خلال قرارات تتحدث عن الفقراء، فانتزع ما يملكه الشعب من شركات قطاع عام بتراب الفلوس بزعم توسيع قاعدة الملكية، ومكن لهم الاستيلاء على أراضى الدولة لتسقيعها، وبرر ذلك بفتح المجال للاستثمار حتى الدعم كان يخطط له أن يترك بأساليب تصل به إلى الأثرياء، ولا يصل منه للفقراء سوى الفتات، فيظل السفه موجودا فى موارد الدولة ليزداد فقراء مصر فقرا، بينما أغنياؤها يزدادون ثراء وسفها!!
تمسك المجتمع بأكذوبة الدعم يرجع إلى العديد من الأسباب أن تراجع الدعم لا ينعكس على الخدمات الأساسية للمواطن، والتى تتمثل فى التعليم والصحة والمسكن، فمستشفيات مصر أشبه بخرابات وأوكار لتصفية حياة البشر لا علاجهم ففيها تهدر حقوقهم وتزداد آلامهم..
حتى الدعم بدءاً بمجال العلاج فى مشروع علاج غير القادرين كان يوجه جزء كبير منه لعمليات تجميل زوجات المسئولين وعلاجهم مرضياً، ونحن لا ننسى حاتم الجبلى الذى ألغى علاج عشرات الأمراض على نفقة الدولة وفى نفس الوقت كان يعالج زوجته فى لندن وأمريكا على نفقة الدولة ومن بند علاج غير القادرين.
بينما المدارس التى كانت فى الخمسينيات والستينيات نموذجا فريدا للتربية والتعليم وكانت فى المقابل المدارس الخاصة يتراجع دورها؛ لعدم قدرتها على المنافسة مع المدارس العامة فى الجودة وكذلك الجامعات، فقد كانت جامعة القاهرة تتفوق على نظيرتها من أفرع الجامعات الأجنبية الموجودة فى مصر، والتى لم يكن يدخلها إلا محدودو القدرات، فقد تحول التعليم فى مصر إلى هراء، فلا تربية ولا تعليم..
الأمر يتطلب أن توقف الدولة نزيف الهدر فى المال العام، خاصة المتمثل فى دعم المنتجات البترولية الموجه للأغنياء، ومن خلال وضع ضوابط وصول الدعم لمستحقيه ليس قولا ولكن بالفعل. على أن يتم توجيه الـ70 مليارا التى توجه حاليا للأثرياء إلى التعليم والصحة فمن خلال كلا العنصرين يمكن أن نصبح دولة تحترم مواطنيها. فليس من العدل أن يترك الفقراء فريسة للأمراض والأوبئة والجهل.. لنتحول إلى مجتمع من المعاقين بدنيا وذهنيا..
نريد أن توضع استراتيجية للتعليم والصحة لا تخضع لأهواء وزير أو حكومة او حزب أو نظام أو اتجاه سياسى.. نريد تعليما يحترم عقول الشعب.. وصحة تقدر الحقوق. نريد ضميراً يؤتمن على الدولة لا أهواء تسقط الشعب من حساباتها.