أكرم القصاص

النائب الإنجليزى فى البرلمان الهيروغليفى

الجمعة، 02 مارس 2012 07:56 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من الواضح أننا تقريبا انتهينا من كل مشكلاتنا وصعدنا إلى مصاف الأمم الكبرى والدول العظمى ولا ينقصنا إلا رؤياكم، والدليل أن الكثير من السادة نواب السيد البرلمان رضى الله عنهم تركوا القضايا المهمة والعميقة وتفرغوا لمطاردة وفتح مناقشات هزلية وعبثية تشبه -إن لم تكن تتفوق على- ما كان البيزنطيون يناقشونه، قبل أن يجتاح العثمانيون بيزنطة، عندما كانوا يناقشون عدد الملائكة الذين يمكنهم الوقوف على سن الإبرة. أما نحن فمازلنا نرى نوابا موقرين يجادلون شكل القسم البرلمانى، وأهمية اللغة الإنجليزية، وربما نرى قريباً جدلاً حول علاقة القانون المدنى بقوانين نيوتن.

لم ننته من النائب المعتصم والنائب المضرب والنائب المزعق والنائب المنبطح، وانتهينا بالكاد من الحلفان على المصحف فى القسم والفرق بينه وبين الحلفان على النعمة والعيش والملح، ولا يدركون فى جدلهم العقيم أن الله عالم بالنيات، والتوك شو.

كنا نتصور أن ينشغل السادة الموقرون بانفلات أمنى يستعصى على الفهم، وبطالة تحتاج إلى حل، أو ينشغلوا بالبحث عن نظام للتأمين الصحى يمنع الناس من الموت مرضا أو هلعاً، فوجدنا الموقرين يرهقون أذهانهم بالبحث عن حرمانية اللغة الإنجليزية، وعلاقتها بالتدخل الخارجى، والتفسخ الداخلى، وللحق فإن نواب اليسار واليمين والوسط والتردد الأفقى والرأسى يتفقون فى البحث عن أكثر الطرق إثارة للجلبة والجدل من دون أن يشعروا بأى هرش فى ضمائرهم النيابية، رأيناهم يزعقون ويبحثون عن أعمق نقطة للجدل العقيم.

وبعد أن انتهينا من جدل الآذان، ومعركة الخرطوش، واتهامات العمالة والزندقة، انتقلنا بفضل النائب الكردى، إلى التعليم، حيث توصل أحد النواب المنسوبين للتيار السلفى إلى أسباب انهيار التعليم وتكدس الفصول وتراجع مستوى الخريجين، النائب محمد الكردى قال إن المنح الأجنبية الخاصة بوزارة التربية والتعليم تهدف إلى تحسين نوعية تدريس اللغة الإنجليزية وتقديمها لدراستها فى السنة الثانية الابتدائية بدلا من السنة الرابعة، وطبعاً السيد النائب يرى هذا أمرا غير حسن، وأن هدف المنحة هو تعليم أبنائنا لغة الغرب بدلا من لغة مجتمعهم، ويطالب، لا فض فوه، بمنع تدريس اللغة الإنجليزية فى المدارس والجامعات.

طبعاً النائب يتصور أن تدريس اللغة الإنجليزية يظلم اللغة العربية، وهو اعتقاد لا نعرف من أين استخرجه، فالمعروف أن حالة التعليم كلها لا تسر عدوا ولا حبيباً، وهو أمر لا يخص اللغة العربية وحدها، بل كل اللغات والمواد، وأسباب انهيار التعليم لا ترجع إلى عمل معمول للتعليم بالإنجليزى، ولم يلتفت النائب إلى تكدس الفصول ونقص المعلمين ومستويات التدريس، وتوقف فقط عند اللغة الإنجليزية، لم يسع لبحث أسباب التدهور، ولم يسمع عن طلب العلم ولو فى الصين، أو أن تدهور اللغة الإنجليزية والعربية فى التعليم الحكومى أحد أسباب نكساتنا، ولهذا فإن البرلمان يتحدث الهيروغليفية البرلمانية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة