غريبة فتاوى الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل، والأغرب طريقة تفكيره، وطريقة اتخاذه المواقف التى تنبنى فى الأساس على هذه الأفكار، فالرجل الذى لم تكن له علاقة من قبل بالعمل السياسى، وجد نفسه مرة واحدة يعد نفسه ليصبح رئيسا لمصر، وأخذ يتكلم ويتكلم فيخطئ ويخطئ، غير مدرك أن الفرق بين أخطائه القديمة، حينما كان داعية فى المساجد والقنوات الدينية، لا تساهم إلا فى تجهيل من يستمعون إليه، أما أخطاؤه الجديدة، إذا ما قدر له أن يرأس مصر، فسيتحمل ويلاتها بلد بأكمله، ولا أبالغ إن قلت المنطقة العربية بأسرها.
لن أتكلم هنا عن تصريحه لقناة الحكمة، بأن الرئيس الأمريكى «كلينتون» هو مهندس معاهدة السلام، واتفاقية كامب ديفيد، رغم أن الاتفاقية تم توقيعها قبل رئاسته لأمريكا بخمسة عشر عاما، ولن أتكلم عن الكوارث الثقافية الواردة فى هذه الحلقة، والتى تنم عن جهل الرجل بما ينصب نفسه عالما فيه، ولكنى سأتناول آخر فتاوى الشيخ حازم التى استمعت إليها، وكانت خاصة بتحريم نوع من البهارات هو «جوز الطيب»، مؤكدا أنه مسكر وكل المسكرات حرام حتى القليل منها، وأكد أيضا أن المصيبة الكبرى، هى أن هذا النبات يدخل فى عمل البهارات دون أن يعرف الناس، وبذلك يدس لهم المسكر فى غير المسكر، وبناء عليه أيضا تصبح البهارات بها شبهة تحريم.
بضربة واحدة يحرم الشيخ «جوز الطيب»، والبهارات أيضا، غير مدرك أنه بهذه الفتوى يفتح باب التحريم على مصراعيه، فهذه المرة يحرم البهارات بحجة أنها مسكرة، وفى المرة القادمة لن أستغرب إن حرم الملح لأنه يضر، والفلفل لأنه يحرق، والبطاطس لأنها تزيد الوزن، فى إعادة حديثة لنموذج الحاكم بأمر الله، صاحب الآراء المتطرفة المجنونة، والتى كانت تتشابه إلى حد كبير مع آراء الشيخ حازم، فقد كان يحرم العنب، والبلح، لأنهما يستخدمان فى عمل الخمر، فانتبه من فضلك مصر ترجع إلى الخلف.. والله.
يتجاهل الشيخ حازم أن «جوز الطيب» مثله مثل أى نبات، به فوائد وله تأثيرات، فالقرنفل مثلا به نسبه مخدر، وكذلك من الممكن أن يتم تخمير عصير القصب والبلح والعنب والبصل والتفاح والشعير والقمح والذرة والأرز والخوخ والكمثرى والأناناس وجوز الهند والموز والزنجبيل والبطاطس والبطاطا والبنجر والصبار واللبن وحتى السكر لصناعة الخمر «ابحث عن كلمة خمور فى موسوعة ويكيبيديا لتعرف أسماء الخمور المستخدم فيها هذه الأنواع من النباتات» ولكنه يفترض دوما السيئ فى النفس البشرية، غير منتبه إلى أن الأصل فى الثواب والعقاب والتحريم ليس المنع، وإنما الإتاحة، وإلا لماذا خلق الله هذه النباتات من الأصل؟
الخطير أن هذا العقل الذى يحرم «جوز الطيب»، لمجرد أن به نسبة قد تكون مخدرة، ربما يشرد العديد من الأسر إن أصبح حاكما علينا، فقرار منع استيراد البهارات لأنها من وجهة نظره رجس من عمل الشيطان، لن يأخذ فى يده أكثر من ثانية واحدة للتفكير فيه واتخاذه، إن تولى أمورنا، مثلما دعا لمقاطعة البيبسى، لأنهم «قالوله» إن حروفها تعنى «ادفع كل قرش لحماية إسرائيل» ولما واجهه الكاتب الشاب محمد دياب بحقيقة التسمية، «وإن أصلها يعود إلى مادة «البيبسين» لف ودار، وقال إنه لم يجزم، ولكنه قال له إنهم «قالوله»، ناسيا أنه دعا الناس بالفعل لمقاطعة هذه الشركة، بناء على معلومة خاطئة لم يكلف نفسه عناء البحث عنها.. ولنا الله.