يرفض الإسلاميون من إخوان وسفليين الفكر الشيوعى وقد ناصبوا الاتحاد السوفيتى العداء، كما عارضوا نظام مبارك الذى توسع فى ملاحقتهم واضطهادهم، ومع ذلك يقلدون من دون وعى فكرة الهيمنة السياسية والثقافية للحزب الشيوعى، كما يقلدون إلى حد التماهى نظام مبارك فى اضطهاده وتهميشه للمعارضة!! ما يعنى أننا إزاء وضع يقلد فيه المنتصر المهزوم والفاشل، ويتوحد فيه الضحية الذى انتصر، مع الجلاد الذى انهزم.
فالإخوان والسلفيون تناسوا وعودهم وتصريحاتهم عن المشاركة لا المغالبة، وعن ضرورة بناء ائتلاف وطنى عريض لوضع الدستور وتشكيل حكومة إنقاذ، وتنصل الإخوان من تصريحاتهم بشأن نسبة المنافسة على مقاعد البرلمان، واختيار %60 من أعضاء لجنة الدستور من خارج البرلمان، وربما يتناسى الإخوان قريبا وعدهم بعدم المنافسة على مقعد الرئيس.
تراجع الإخوان والسلفيين عن وعودهم قد يكون لأسباب سياسية ومصالح متغيرة تتعارض مع ثبات وأخلاقية الإسلام، لكن إذا استمر هذا الأداء فقد نشهد الأخطر على الدين والوطن، فالأغلبية الإسلامية فى البرلمان انفردت بانتخاب أعضاء لجنة الدستور، وتسعى لتشكيل حكومة، وتخوض معركة الرئاسة سواء بمرشح مباشر أو مرشح ذى خلفية إسلامية، ما يعنى أنها تسعى لفرض هيمنة سياسية تعتمد على منطق سطحى ومختزل للديمقراطية، يقوم على الحق المطلق للأغلبية فى الحكم مع تهميش الأقلية التى تتحول إلى معارضة لا يستمع أحد إلى صوتها، بل قد تهمش وتلاحق وتطارد، وتتهم بمخالفة النموذج الإسلامى فى الحياة والسياسة، تماما كما كان يفعل ستالين مع المختلفين مع نموذجه، وكما فعل مبارك وأمثاله من المستبدين والطغاة فى كل زمان ومكان.
والمفارقة أن القوى المدنية المعارضة ومنظمات حقوق الإنسان وقفت إلى جانب الإسلاميين ضد استبداد مبارك، ودافعت عن حقهم فى الوجود والمشاركة، لكننا الآن نرصد استعلاء القوى الإسلامية على المعارضة ونهما للانفراد بالسلطة وممارسة هيمنة سياسية وثقافية وإعلامية.
الديمقراطية أيها السادة ليست مجرد انتخابات وأغلبية وأقلية، بل قيم وآليات تضمن التنوع والاختلاف واحترام الأقلية وإشراكها، والدفاع عن حقها فى الوجود والتعبير الحر عن آرائها التى تختلف بالضرورة مع آراء الأغلبية ومعتقداتها. وبالتالى لابد أن يستوعب الإخوان والسلفيون حقيقية الديمقراطية ولا يأخذوا منها فقط الجانب الذى يحقق مصالحهم ويخدم مشروعهم، وأقصد الهيمنة السياسية التى مارسها ضدهم نظام مبارك.
والأدهى أن الهيمنة السياسية وفق تصريحات نواب للإخوان والسلفيين قد تتحول إلى هيمنة ثقافية، فليس من حق الإسلاميين لأن الشعب اختارهم ليقودوا مؤسسات الدولة الثقافية، ويعيدوا كتابة التاريخ ومناهج التعليم أو أن يسيطروا على المناصب القيادية فى الإعلام. أقول ليس من حقهم لأن قيادة مؤسسات الثقافة والإعلام والتعليم تتطلب توافر الموهبة والخبرة والإيمان قولا وفعلا بضرورة التنوع والاختلاف فى الإنتاج الثقافى وحرية الرأى والتعبير.
وإذا تجاهلنا الكفاءة والموهبة لصالح هيمنة الأغلبية أو أهل الثقة فإننا نكون قد أفسدنا الثقافة والإعلام والتعليم، وأنتجنا نظاما غير كفء ومشابها لما كان يحدث فى عصر المخلوع مبارك وفى كل العصور التى حكمها المستبدون والطغاة، بغض النظر عن مبرراتهم، سواء كانت دينية أو فكرية أو سياسية، وأخشى أننا إذا سلمنا بهيمنة الأغلبية السياسية على الثقافة والإعلام والتعليم أن تطمع الأغلبية ذاتها فى الهيمنة على الاقتصاد وكل مناحى الحياة. وعندها ندخل نفقا مظلما مشابها لما جرى فى إيران وأفغانستان والسودان.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
م/ محمد
إستغاثه
عدد الردود 0
بواسطة:
يوسف محمد
ازمة قادمة
عدد الردود 0
بواسطة:
المسلم
الشهرة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى عوض
قلقانين على ميراث مبارك للإخوان بغيروه؟! حاجه عجيبة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد عليان
عجبا
عدد الردود 0
بواسطة:
على شومان
مرضى الانا