نحن بحاجة إلى تحديد مفهوم التشريع أو القانون..
القانون هو «سياسة عامة» تتخذ لتحقيق مصالح الناس، والبرلمان-بهذا المعنى- هو ممثلو الشعب الذين يُنتخبون بغية تحقيق المصالح العامة، والتنزه عن المصالح الخاصة، والتخلص من «النزق الفكرى». المسألة تبدأ بقراءة المشكلة، وفهم أبعادها، ووضع القانون الذى يتصدى لها. أى شىء خلاف ذلك هو «تحرش تشريعى»، ويعنى ذلك قهر فئات اجتماعية باسم القانون وحكم الأغلبية، وإلى آخر ذلك من المفاهيم التى يُساء استخدامها.
هناك تحرش واضح بحقوق المرأة والطفل فى المجتمع المصرى، ونسمع من يتحدث عن أن هذه الحقوق هى «تركة سوزان مبارك» التى ينبغى التخلص منها، وهو كلام غريب، ينمّ فى كثير منه عن جهل، وتراجع فى النظرة إلى طبيعة المجتمع الحديث. النظام السابق مستبد، لكنه فعل أشياء جيدة، وإذا كان النظام سنّ تشريعات تحفظ للمرأة والطفل حقوقهما، فلا ينبغى أن نصبّ اللعنة عليه، ونسعى لتحطيم مكتسبات مجتمع، بحجة أنها مكتسبات نظام. وبلغ الأمر حد الجهل بأن نجد من يعتبر حرق المجلس القومى للمرأة، الذى كان مجاورا للحزب الوطنى فى ثورة 25 يناير، دليلا على انتهاء هذه التركة، وينبغى أن نعيد النظر فى التشريعات التى أقرت حقوقا للمرأة، ونعيد النظر فى قانون الطفل الذى حاول- جزئيا- أن يحفظ للطفل بعضا من حقوقه فى مواجهة العنف المجتمعى، والتسلط والتخلف.
لو طبقنا هذا المعيار لكان من الأولى تحطيم «مترو الانفاق»، والكبارى، والقرية الذكية، باعتبار أن جميعها من مخلفات نظام سقط. لماذا يُبقى المجتمع على الإنجازات المادية للنظام الساقط، ويسوؤه أن يُبقى على ما تحقق نسبيا- وهو أقل من المأمول- فى مجال حقوق المرأة والطفل. ذكرنى ذلك بما حدث فى «جزر القمر» عقب الاستقلال فى منتصف السبعينيات، حيث حدث انقلاب، قاده شخص يدعى «على صويلح»، ما لبث أن استعان بالشباب الثورى فى المواقع القيادية، فقاموا بحرق وثائق البلاد حتى يتعجلوا التطور.
المسألة باختصار أن هناك «نظرة ذكورية»، تحركها مشاعر، بعضها ريفى، وبعضها الآخر ضيق الأفق دينيا، والكل يتلاقى، الذكورية، مع القبلية، مع الغلو فى التفسير الدينى فى منظومة واحدة تنتج فى النهاية ما يطلق عليه علماء الاجتماع «التخلف»، حين يعتقد البعض أن قهر الآخرين هو تحقيق للذات، أو أن السمو على الغير، هو تعبير عن تفرد إنسانى لا معنى له، ولا تبرير له.
إذا قارنا أداء المرأة فى العمل العام بالرجل، سنجد أنها حققت إنجازات طيبة، ولم تكن يوما فى موقع الفساد، والكذب، والتدليس، والنهب. والفتاة المصرية التى يسعون إلى قهرها ناضلت فى ثورة 25 يناير أسوة بالرجل، سُفكت دماؤها، وعُريت فى الشارع، ووطِئتها الأقدام، وخضعت لانتهاك واضح لحقوقها الإنسانية، ونقوم بعد ذلك بمكافأتها بالتحرش بها تشريعيا، كما يجرى التحرش بها جسديا فى الشارع.
عدد الردود 0
بواسطة:
ا د نبيلة يسري
الجهل الصحفي
عدد الردود 0
بواسطة:
يحيي رسلان
الكراهية للدين الاسلامي ليس الا