عندما ظهرت أزمة البنزين فى يناير الماضى بحث كل طرف عن طرف آخر يتهمه، ولم نعرف من وراء الأزمة ولا من وراء حلها، الحكومة قالت إنها حالة نفسية وشائعات تسببت فى تضخيم الأمر وإن هذه الحالة النفسية إذا زالت فلن يشعر الناس بالأزمة، انحلت الأزمة بعد ثلاثة أيام، لكنها عادت أكثر قوة وشدة خلال الأسبوعين الأخيرين، ومعها أزمة السولار التى ضربت المخابز والمواصلات، متزامنة مع إضراب أتوبيسات النقل العام، التى بدأت بإضراب السائقين فى سبتمبر الماضى بسبب اللائحة المالية وتفاوضوا مع حكومة شرف حتى عادوا بعد وعود من الحكومة، ظلت الأحوال كما هى، حتى تجددت بسبب مكافآت نهاية الخدمة وانتهت إلى الإضراب المستمر حتى الغد تمهيدا لقرار الاستمرار أو التراجع.
فى المرة الأولى لأزمة النقل العام لم يكن هناك مجلس شعب، ونفس الأمر مع أزمة البنزين الماضية لم يكن المجلس انعقد، بما يعنى أن الأزمات السابقة كانت تحدث فى وجود الحكومة وحدها، أما الآن فلدينا حكومة وبرلمان، ومع هذا فالأزمة أكبر وأعمق، ونتوقع أن يلقى البرلمان بالمسؤولية على الحكومة، وأن تلقى الحكومة بالمسؤولية على أطراف أخرى من الفلول أو من المهربين واللصوص وتجار السوق السوداء، ولن يعترف أى طرف بوجود خطأ فى الإدارة.
الحكومة هى المسؤولة عن مواجهة التهريب، والسوق السوداء، التى تدور علنا وعلى الهواء، أما مجلس الشعب فنظن أن عليه دورا فى السعى لابتكار آلية برلمانية لمواجهة الأزمات والتفاوض مع الفئات الغاضبة التى لها مطالب فئوية أو إنسانية حتى يمكنه تفهم الأسباب ووضع تصورات للمواجهة.
البرلمان أيضا مطلوب منه البحث عن طريقة تمنع تسرب مليارات الدعم إلى السوق السوداء أو الاتجار والتهريب، وهو أمر يحتاج إلى شجاعة، لا نظن أن كثيرين يمتلكونها حتى الآن، الحكومة تتحمل المسؤولية الفنية عن أزمة الوقود، والبرلمان يتحمل المسؤولية الرقابية، والعجز عن بحث الأزمة وتقديم المعلومات الخاصة بها حتى يمكن وضعها على مائدة البحث وحلها نهائيا.
الحادث أن الحكومة تقدم دائما مبررات لأزمة البنزين والسولار بينما لا يفترض للحكومة أن تبرر بل عليها أن تقدم الحلول، والبرلمان يتهم الحكومة فقط، ويسرب أنباء عن أنه يعجز عن إقالة الحكومة أو سحب الثقة منها، بينما الحقيقة أن الحكومة والبرلمان مسؤولان معا، ولا يكفى أن يستخدم كل طرف شماعة يعلق عليها المشكلة.
وهناك طبعا الطرف الثالث والمؤامرة، الحاضر الغائب فى كل أزمة، التجار والمجلس العسكرى والبرلمان والحكومة، كل حسب مجال رؤيته وموقعه من الأحداث، لكن الأزمة فى أن كل طرف يتصرف من منظوره، ويفضل اتهام الآخرين. وهذه الأزمات لم تكن موجودة فى وقت لم تكن فيه كل هذه السلطات موجودة، ولا الشماعات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ماهر زكي
كفاية على البرلمان
عدد الردود 0
بواسطة:
م/ محمد
إستغاثه
عدد الردود 0
بواسطة:
سماح صلاح الدين
دة برطمان مش برلمان