لا يختلف اثنان فى مصر أو خارجها على أننا نعيش حاليا حالة بشعة من الفوضى فى كل القطاعات والأماكن، بعد الانفلات الأمنى والإعلامى والاجتماعى والاقتصادى والأخلاقى.
وامتدادا لحالة الفوضى انتهز الفاسدون فى كل المجالات الفرصة ليعيثوا فى الأرض، محققين أهدافهم فى الصعود على جثث وأشلاء الشهداء والمصابين.
والمؤسف أن كل السلطات الموجودة فى مصر الآن، بداية من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ومرورا بمجلس الوزراء، ونهاية بمجلس الشعب، لا تسعى أبدا لإبعاد هؤلاء الفاسدين المعروفين لنا جميعا.
الفاسدون الباقون منذ أيام مبارك ونظامه البائد، والذين مارسوا التطبيل والتهليل لمبارك وجمال وعلاء والعادلى والشريف، ومارسوا التضليل والكذب على الشعب طوال فترة عملهم قبل قيام الثورة دون رادع فى أى وقت.. لماذا يسكتون على الفساد والفاسدين؟
الأزمات المتتالية فى الأسواق، وآخرها نقص البنزين والسولار، والأزمات المتتالية فى الإعلام وآخرها الانفلات الفظيع فى البرامج الرياضية، والأزمات المتتالية فى الرياضة وآخرها مذبحة جمهور الأهلى فى بورسعيد، والقرارات الهزلية القذرة التى صدرت مؤخرا.
الفاسدون منتشرون فى أهم الأماكن والقطاعات فى مصر الآن، وهم واصلون إلى الشعب من أوسع النوافذ الإدارية والتنفيذية والإعلامية والرياضية، وقادرون على التأثير على القطاع الفقير، وقليل الثقافة، وقادرون أيضا على تحويل الشعب المكلوم الغلبان من طريق إلى طريق، ومن اتجاه إلى اتجاه.
المأساة الحقيقية وراء عدم نجاح ثورتنا هى عدم صدور قرار العزل السياسى، وعدم الجدية فى محاكمة الفاسدين، وفى عدم القبض على كل الفاسدين، وفى ترك النوافذ المفتوحة لكبار الفاسدين فى الإعلام.
الأيام تتسارع، والمجلس الأعلى للقوات المسلحة مهتم بأمور سياسية دون التفكير فى القطاع العريض من الناس فى الشارع، وللأسف أجرى استفتاء على تعديلات دستورية بلا أى فائدة على الشعب، وأجريت انتخابات نزيهة لمجلس الشعب، ولكن الأغلبية من الناس فى الشارع لم تشعر بأى فارق بين مجلس فتحى سرور، ومجلس سعد الكتاتنى، واليوم تجرى الترشيحات لانتخابات رئاسة الجمهورية، ولا طائل منها على الشعب الغلبان.. نحن مع المسيرة السليمة لإرساء الديمقراطية فى مصر، بانتخابات نزيهة للشعب والشورى والرئيس.
ولكن الشعب هو الأهم.. والشعب يريد استقرارا وأمانا وتعليما وعلاجا وطعاما وشرابا ومسكنا ودخلا مستقرا ومستقبلا آمنا.
ونحن اليوم أبعد ما نكون عن أغلب تلك المطالب، والطريق إلى التصحيح يجب أن يبدأ ببتر الفاسدين وجذورهم.