فى ظل تصاعد موجة الغضب تجاه تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، وما يتردد من هيمنة التيار الإسلامى، وتهميش لقوى سياسية وفئات مجتمعية، واستبعاد للعديد من الشخصيات البارزة والمشهود لها بالكفاءة والوطنية والنزاهة، يحتاج الأمر منا إلى وقفة جادة فى هذا الظرف الدقيق الراهن الذى تمر به البلاد.
إننا لابد أن نكون على علم وقبل أى شىء بأن لجنة المائة لن تقوم هى بصياغة وكتابة الدستور، وإنما ستقوم بطرح رؤى وتصورات للخبراء والفنيين الذين سيتم الاستعانة بهم من خارج لجنة المائة، وتسند إليها مهمة كتابة الدستور من خلال استقبال المقترحات والرغبات التى تصل إليهم وعقد جلسات استماع متعددة للوقوف على مطالب واحتياجات كل شرائح المجتمع، وتبقى فى النهاية العبرة بالخواتيم ومضمون الدستور، وحينها سوف نختلف كلنا ونعترض ونأخذ مواقف حادة إذا ما كان هناك خلل أو قصور أو تجاهل لأى مطالب، لأن الشعب فى النهاية صاحب الكلمة، وهذا دستوره ومصيره وهو وحده من يملك أن يقول نعم أولا عند الاستفتاء على الدستور.
إن ما عنيناه خلال سنوات وعقود مضت ولا نزال، وما قدمناه من نفوس وأرواح طاهرة لتحيا هذه الأمة من جديد، لا بد وأن يقابله أيضا دستور مثالى يؤكد أن جمهورية مصر دولة مدنية ديمقراطية عصرية يكون نظام الحكم بها "مختلطاً" رئاسيا برلمانيا، ويتضمن تحديدا وتعريفا محددا لمهامه "الدولية المدنية" ويقر ويحمى ويحترم كافة حقوق الإنسان طبقا للمواثيق والمعاهدات الدولية الموقعة عليها مصر وتعبر مواده عن تلك القيم ولا تتعارض معها تحت أى مسمى، ولا يجيز المساس بكرامة الإنسان عامة حتى ولو كان متهما أو مدانا وتعتبر الدولة بكافة مؤسساتها ملزمة باحترامها وحمايتها وتطبق العدالة والمساواة بين الناس أمام القانون دون تمييز من أى نوع، وينظم أيضًا ممارسة الحقوق الديمقراطية بعد تحديدها وعلى رأسها حق التظاهر والاعتصامات وباقى أشكال التعبير الديمقراطية الجماعية مع سن قوانين بعقوبات رادعة لمن يسىء استخدام حقوق مشروعة – كحق التظاهر أو الإضراب بما يعطل سير مؤسسات الدولة ويعطل مصالح المواطنين.
دستور مستمد من إرادة ورغبة الشعب لا يتغير إلا من خلال الشعب لا من خلال الحكام، دستور يؤكد استقلال القضاء والفصل بين السلطات وتحديدها بهدف حماية أمن الموطن وترسيخ مبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والمدنية والمساواة، ويؤكد على قيم المواطنة واحترام القانون والشفافية والمساءلة والتداول السلمى للسلطة، واحترام الكفاءة ويضمن تعدد مراكز صنع القرار وعدم الخروج على الشرعية أو الشريعة، ويؤكد على حق المواطنين فى العمل والتدريب أو تعويضهم ببدل بطالة لفترات معينة وحقهم فى السكن وحقهم فى الحياة والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين الجميع دون تمييز على أى أساس سوى الكفاءة، إضافة إلى حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية، وأيضًا حقوق المرأة والمعاقين والأطفال والأجيال الجديدة من الشباب من الجنسين ليكونوا عماد المجتمع وإدارته وضرورة تمثيلهم فى كافة المستويات لنضمن تجديد المجتمع وعدم الجمود، وبالتالى تحديد حد أدنى بالنسبة لأى قوائم انتخابية أو ترشيحية يجب أن تتضمن شبابًا من فئات عمرية أقل، مع عدم التمييز ضد الفئات العمرية الأكبر، وتكون الأحزاب بشروط ميسرة من حيث العدد أو التكلفة المادية للإشهار، وكذلك تكوين المنظمات والجمعيات الأهلية تنفيذا واحتراما للحق المتساوى للجميع دون تمييز لأثرياء على فقراء فى تكوين المنظمات والأحزاب التى تعبر عنها وتنظم عملهم من خلاله نرى دستورا ينص على انتخاب المحافظين بدلا من تعيينهم مع إعطاء صلاحيات كبيرة وواسعة لأعضاء المجالس المحلية والمنتخبة لاستجواب المحافظين، وهو ما يساعد على تفكيك المركزية ودعم اللامركزية والفصل بين السلطات، دستور نستطيع بموجبه إحالة الوزراء وكبار رجال الدولة إلى التحقيق فى قضايا الفساد.
إننا لابد أن ننزع من داخلنا أجواء التشكيك فى النوايا وعدم الثقة فى التخوين الذى أصبح مسيطرا على قلوبنا وعقولنا خلال الفترة الماضية، كى يخرج لنا دستور يمثل كل الأطياف الشعب المصرى ويراعى حاجاتهم ومتطلباتهم، ويعبر عن آمالهم وتطلعاتهم، دستور تستحقه الثورة بعد نضال ودماء وتضحيات بلا حدود.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
emad
مقال أكثر من روعه يا استاذ أنور نائب محترم
عدد الردود 0
بواسطة:
م/ محمد
إستغاثه
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmd
الحقنا
انا عايز اشتغل
بسرعة مفيش وقت
عدد الردود 0
بواسطة:
يحيى
واللهى انى ارى فيك حكمة الرئيس الراحل أنور السادات