خالد أبو بكر

دستور مصر ودستور الإخوان

الأربعاء، 28 مارس 2012 04:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد رحيل النظام السابق تولى المجلس العسكرى إدارة شؤون البلاد وهو الاصطلاح الذى حدده مبارك للمجلس العسكرى فى خطاب التنحى، وبعد التنحى بأيام قام المجلس العسكرى بإصدار فرمانات عسكرية أطلق عليها خطأ، إعلانات دستورية، حدد فيها أنه هو الذى يمثل الدولة وأن الدولة تحترم تعاقدتها الدولية وأكثر من مبدأ آخر وضعه ١٨ فردا يمثلون المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية.

والحقيقة طالما هما اللى بيدوروا البلد فى المرحلة الانتقالية من حقهم وضع قواعد تلك المرحلة المؤقتة، لكن نفسى أعرف مين اللى فهمهم إن من حقهم التخطيط لمستقبل وشكل الدولة المصرية لسنوات قادمة؟ فإذا بالمجلس يشكل لجنة بمزاجه يطلب منها تعديل بعض مواد الدستور، الذى عطله، وتقوم هذه اللجنة بتعديل مواد تختارها وفقا لرؤيتها، ثم يعرض تلك المواد على الشعب للاستفتاء ثم فجأة يعيد باقى مواد دستور 1971 الذى عطل العمل به من قبل، ثم تكبر فى دماغه يعدل الإعلان الدستورى فيقوم بتعديله وكأن البلد دى وإرادة الشعب تقف عند اقتراحات وصياغات ممدوح شاهين، أحد لواءات المجلس العسكرى الذى تولى ملف التشريع فى المرحلة الانتقالية.

وأصبحنا أمام مادة فى الإعلان الدستورى للأسف احنا وافقنا عليها بموجب الاستفتاء تعطى الحق لأعضاء البرلمان شعب وشورى لاختيار مائة فرد لوضع الدستور، وبدأت الدنيا كلها تسأل: يعنى إيه كلمة اختيار؟، ناس قالوا يعنى الذى يختار ليس من حقه الترشح، وناس قالوا لا يوجد ما يمنع أن يترشح من هو منوط به الاختيار، وكبرت فى دماغ أعضاء مجلس الشعب والشورى أنهم لا يمكن أن يتركوا هذه الفرصة التاريخية لكى يمثلوا بأنفسهم فى تلك اللجنة.

وبالفعل اجتمع البرلمان، شعب وشورى، وقرروا أن يختارون 50 عضوا من أعضاء البرلمان و50 عضوا من خارج البرلمان يختارهم أيضاً أعضاء البرلمان، شوفتوا استحواذ أكتر من كده!! وطبعا الأغلبية هاتختار من خارج المجلس من هم يتوافقون مع اتجاهاتهم، والأمر ما يمنعش إنهم يختاروا اسمين من اللى صوتهم عالى علشان يخزوا العين. وهنا بدأ حديث المصالح وغاب حديث المبادئ الذى سرعان ما اختفى وقت تقرير المصير، الإخوان اللى كانوا فى السجون، وناس كتير قاعدين فى مارينا، قال إيه عاوزين نطلب منهم -بعد ما حصلوا على أغلبية فى الانتخابات- إنهم يسمحوا لناس غيرهم، واللى هما كمان فى الواقع أقلية أن يتولوا مهمة وضع الدستور!!، اذكر هنا عبارة للشيخ كشك ردا على هذا لكنى لا أستطيع كتابتها، شوفتوا سذاجة أكتر من كده!! قال إيه احنا عاوزين الإخوان الأغلبية فى الانتخابات أن يسمحوا لغيرهم بكتابة الدستور!! طيب بأمارة إيه؟

دول لازم يكونوا أغلبية فى كل حاجة فى مصر دلوقتى لأن دى اللحظات اللى قعدوا سنين فى المعتقلات عشان يعيشوها، طيب ده أنا سامع إن تشكيل المنتخب الوطنى لكرة القدم من هنا ورايح، هيكون بالانتخاب وليس بالاختيار.

المشكلة الحقيقية أننا أصبحنا أمام أمر واقع، التراجع عنه صعب فإذا ما أردنا تغيير النسبة التى اختارها البرلمان لن نستطيع، وأيضا عملية التصويت على الأسماء انتهت بالفعل.
طيب هل يمكن أن نسلم الإخوان البرلمان والحكومة واللجنة التأسيسية الدستور؟ مش كتير شوية!!
طيب نسلمهم حكومة لأنهم أغلبية فى البرلمان ماشى وكراسى البرلمان حصلوا عليها بالانتخاب برضه ماشى، لكن مين قال إن من حقهم الانفراد بأغلبية اللجنة المؤسسة للدستور؟.. أفتكر أننا على أبواب صدام حتمى بين الإخوان من ناحية وباقى أطياف المجتمع من ناحية أخرى، وإذا كان الإخوان يستطيعون حشد الجماهير للذهاب إلى صناديق الانتخاب فإنهم، وواقعيا، ليس لديهم رموز مجتمعية يمكن أن تؤثر أو تحرك فى الطبقة المثقفة من الشعب المصرى، لكن إخوانا اللى صوتهم عالى فى المجتمع أمامهم مهمة شاقة حتى يتمكنوا من توضيح الصورة للأغلبية الكبرى التى تحركت وقت الثورة لأن لو تحرك هؤلاء، لا تقول لى بقى إخوان، ولا غيرهم، أنا موافق أن الإخوان يحكموا، وده حقهم، لكن لا أوافق على أن يتحكموا. وعليه إذا ما استمر الوضع هكذا علينا أن نتخيل طبيعة عمل اللجنة التى تستحوذ التيارات الإسلامية على الأغلبية المطلقة بها، يعنى ببساطة إذا اجتمعت تلك الأغلبية، وقررت شكلا معينا للدستور فسيكون باقى أعضاء اللجنة، عفوا كمالة عدد، لأن الرأى النهائى سيأخذ بالتصويت، ومن المنطقى أن يأتى التصويت لصالح الأغلبية، إذًا القراءة الواقعية للأمر تجعلنا ننتظر دستورا إخوانيا يعبر عن مصالح الأغلبية وآرائهم ورغباتهم فى شكل الدولة المصرية.

ويبقى دستور مصر مجتمعة معلقا على إرادة هؤلاء، الذين أيضاً يملكون حشد الناس للموافقة على ما تسفر عنه أعمال تلك اللجنة، نحن فى أوقات مصيرية لا تحتمل أى تخاذل من أى منا وعلينا أن نتحمل مسؤولياتنا تجاه وطننا ولا نسمح بأن يكون وضع الدستور فتنة كبرى تؤدى إلى صراعات على السلطة أو صراعات بين طوائف المجتمع.

وكل ده كان بدايته وسببه واحد، لواء وزملاؤه، عليه العوض فى الدستور المصرى القادم، ولا عزاء للمصريين ومنك لله يا ممدوح يا شاهين.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة