مبروك.. جماعة الإخوان المسلمين المتسلطة على حياتنا السياسية وافقت، بعد ضغوط ومحايلات المجلس العسكرى، على التنازل عن عشرة مقاعد فى الجمعية التأسيسية للدستور ليتم توزيعها على الأحزاب والهيئات الغاضبة والمنسحبة، خصوصا بعد انسحاب المحكمة الدستورية العليا والأزهر الشريف.
يصور الإخوان تنازلهم عن 10 مقاعد فى التأسيسية باعتباره حرصا على التوافق الوطنى واستجابة للقوى المدنية المنسحبة ونزولا على وساطة المجلس العسكرى الذى يعتمد الحلول الوسط المائعة التى لا تغضب طرفا ولا ترضى آخر، الأمر الذى يجعل اختطاف الدستور المصرى المنشود جريمة بين الإخوان والمجلس العسكرى.
فالإخوان لم يدركوا بعد مدى جسامة المسؤولية عن وضع أول دستور لمصر بعد ثورة عظيمة مثل ثورة 25 يناير، ويتعاملون مع الأمر بخفة شديدة وانتهازية تغلب المصالح الحزبية والأيديولوجية على المصلحة الوطنية، وبدلا من تغليب مبدأ وأفضل العقول من أجل أفضل دستور، حتى لو أدى ذلك إلى عدم تمثيل البرلمان أصلا فى الجمعية التأسيسية، أدخل الحرية والعدالة وحلفاؤه فى النور «الدستور» فى نفق الخلافات على حصص التمثيل وكأننا أمام لجنة عادية من لجان مجلس الشعب، ومن ثم نزلوا بالدستور من مكانته العالية التى يتطلع إليها جميع أطياف المجتمع إلى تراب الشارع ومشاجرات سائقى الميكروباصات على أولوية الفوز بالركاب!
والمجلس العسكرى من جانبه لم يستطع الحسم فى موضع الحسم، وكان عليه، الإصرار على تفسير المادة 60 من الإعلان الدستورى بما يرتفع إلى مستوى الدستور وتشكيل الجمعية التأسيسية من أهم وأبرز العقول المصرية ومن فقهاء القانون والدستور، وهم بالطبع جميعهم خارج البرلمان، وبدلا من ذلك تقمص المجلس العسكرى دور العمدة وعمد إلى مصالحة الإخوان المستبدين على القوى المدنية المستضعفة على طريقة المصالحة بين الغزاة المحتلين وأصحاب الأرض مع استمرار الاحتلال!
إن السؤال الذى يجب أن يبحث الإخوان عن إجابته الآن: هل سيكتب لهذا الدستور الاستبدادى الذى تسعون لوضعه على حساب تمزيق المجتمع البقاء والاستمرار؟
والسؤال الذى يجب أن يبحث المجلس العسكرى عن إجابته: هل ستفخر مجددا بأنك حامى ثورة 25 يناير بعد أن عجزت عن حماية دستور الثورة؟