هل طرد المجلس العسكرى مستشاريه المسؤولين عن فضيحة سفر المتهمين الأمريكيين فى قضية التمويل الأجنبى؟.. هل يجهز بياناً توضيحياً للشعب، يشرح فيه الملابسات والضغوط التى أدت إلى كسر الإرادة الوطنية بالصورة المهينة التى حدثت؟.. هل يعمل على احتواء أزمة القضاة الآخذة فى التفاقم يوماً بعد يوم؟.. هل يرد على الإحراج الأمريكى المقصود عبر رسائل الشكر الرسمية الموجهة إليه وإلى الحكومة والأغلبية البرلمانية؟
ليس معقولاً أن يكون المجلس العسكرى ومستشاروه والحكومة وكوادرها يراهنون على الصمت الرهيب ويتركون أزمة القضاة تتحول إلى شرارة غضب عام عارم مكتمل الأركان والأسباب.
وليس معقولاً أن يتم التعامل مع الشعب المصرى بمنطق الأولاد الصغار.. هناك أسرار لا يجب أن يعرفوها.. لا.. هذا المنطق انتهى مع انتهاء عهد مبارك، ومن الذكاء الاستناد إلى الشعب فى مواجهة الخارج بدلاً من الانصياع للخارج حتى لو كان ذلك على حساب مواجهة الشعب أو القبول بتفجير إحدى أهم ركائز المجتمع وهى «مؤسسة القضاء».
ما معنى أن يتم تحديد جلسة جديدة لمحاكمة المتهمين فى القضية رغم سفر الفاعلين الأصليين؟ هل سنحاكم المصريين الذين تلقوا تمويلات لتنفيذ مشاريع داخل مصر أو الباحثين الذين أعدوا أوراقاً بحثية أو استطلاعات رأى أو رصدوا ظواهر المجتمع؟.. هل عدنا لعصر القضاء المختلط أيام الاحتلال الإنجليزى عندما كان الأجنبى يُعفى من الاتهامات أو يحاكم أمام قضاء بلاده بينما يدان المصرى ظالماً أو مظلوماً؟.. ثم ما معنى أن يتم تحديد جلسة أصلاً فى ظل الفضيحة التى قوضت القضية ونصبت السلطة التنفيذية قيماً على السلطة القضائية؟
أيها السادة أنتم تتخبطون وتعملون على إشعال البلد بأزمة كان فى غنى عنها، كما أنكم متأخرون جداً فى احتواء هذه الأزمة.
والكل يبدأ بالمصارحة ومحاسبة المسؤول، وأظن أنه معروف والسهام كلها تشير إليه.. طبعاً المصارحة الآن أصعب بكثير منها قبل أيام عندما استبقت هيلارى كلينتون الجميع من مكتبها فى واشنطن وأعلنت للعالم حل الأزمة، ولو كنا نحن من أعلن عن وجود مفاوضات سياسية وانتظار قرار القاضى فى الجلسة، لكان الموقف تغير تماماً.. ومع ذلك فكل دقيقة انتظار دون خروج مسؤول رفيع من المجلس العسكرى والحكومة لإطفاء نار الغضب فى الشارع وداخل مؤسسة القضاء تكلف البلد الكثير.. تحركوا يرحمكم الله.. تعاملوا مع الموقف بما يستحق.. أليس لديكم عيون ترى وعقول تفهم!