من بين المناقشات التى دارت تحت قبة مجلس الشعب حول اختيار الجمعية التأسيسية للدستور، عبر النائب عصام سلطان ممثل الهيئة البرلمانية لحزب الوسط، برؤية هى الأصوب، حيث رفض الاعتماد على معيار العدد، وقال كلمة موحية: «ما يجب أن يحكمنا فقط هو معيار الكفاءة وليس معيار العددية».
فى سباق الصراع بين القوى السياسية حول نسب التمثيل فى الجمعية، يبدو أن التوجس والشك بين الجميع هو السائد، فالأغلبية لم تنجح بعد فى تبديد مخاوف الأقلية، التى تخشى بدورها من هيمنة الأغلبية، واحتمال استثمارها الفرصة لوضع دستور بـ«التفصيل»، وحجة الأقلية فى ذلك، أن الدستور نص دائم، لا يجب أن يخضع لرغبات الأغلبية فى الحاضر، التى قد تتحول إلى أقلية فى المستقبل، وحينها ربما ترى الأغلبية أن الدستور الذى وضعته أغلبية «سابقة» لا يلبى طموحها، فتقوم بتغييره، وهكذا تسقط هيبة الدستور بتحويله إلى ألعوبة تخضع للتجاذبات السياسية.
فى التوجس أيضا، هناك وضع النقابات المهنية التى يسيطر عليها جماعة الإخوان بانتخابات حرة، وفى حال ضم ممثلين منها ربما يكون أغلبهم من المحسوبين على الجماعة، وفى هذه الحالة سيكونون قوة إضافية لنصيب الإخوان عدديا فى أعضاء الجمعية.
هذه المخاوف يجب أن تضعها الأغلبية البرلمانية فى الحسبان، لأن التأسيس الصحيح فى وضع الدستور لا يقوم أبدا وفقا لمبدأ «غالب ومغلوب»، فهى قضية قد تزهو فيها الأغلبية بقوتها مستندة على حجم التصويت الذى حازت عليه فى الانتخابات، لكن من يدرى كيف سيكون حالها فى انتخابات مقبلة؟
وبناء على ذلك يكتسب رأى النائب عصام سلطان أهميته، فالكفاءة هى المعيار الأهم والأصوب للخروج من هذا المأزق، وهى محصنة بأن المشاركين سيكون أمامهم ضرورة بناء الدولة على مرجعية إسلامية، ومراعاة لحقوق الإنسان، وسلطات منفصلة لا تتنازع فيما بينها، وإنما تتكامل فى مسار البناء، فتلك قضايا لا يختلف أحد عليها.
تطبيق معيار الكفاءة يمكن أن يسير أيضا جنبا إلى جنب مع معيار العدد، وذلك باتفاق بين القوى السياسية على الأخذ بالتمثيل البرلمانى، ولكن دون أن يكون أغلبية، ويتم توزيع حصته طبقا لقوة التمثيل البرلمانى.