عندما يقول المستشار حسام الغريانى رئيس مجلس القضاء الأعلى بعد أكثر من عام على ثورة 25 يناير إن «القضاء فى مصر غير مستقل» أتوقع على الفور أن تستنفر الدولة كل أجهزتها وأن تنعقد اللجان المتخصصة وأن تعلن حالة الطوارئ فى مجلس القضاء، بحثا عن الأسباب التى أدت إلى بقاء الوضع على ما هو عليه من عهد مبارك إلى العهد الثورى، وصولا إلى إعلان استقلال القضاء كأحد أهم الأهداف المعلنة لتأسيس الجمهورية الثانية مثل انتخابات الرئاسة.
عندما يقول المستشار الغريانى إن طريقة تعيين رؤساء المحاكم الابتدائية المنصوص عليها فى قانون السلطة القضائية تثير الشك والريبة بحكم تبعيتهم لوزير العدل، ملمحا إلى تدخلهم فى سير بعض القضايا، أتوقع قرارا فوريا من وزير العدل بنقل تبعية رؤساء المحاكم الابتدائية إلى مجلس القضاء الأعلى إلى حين إقرار قانون السلطة القضائية الجديد، على أن ينص صراحة بعدم ولاية السلطة التنفيذية ممثلة فى الوزير على أى جهة من جهات التقاضى.
عندما يقول المستشار الغريانى إن «قضاة مصر مستقلون» وكأنه يعزينا فى مصيبة سفر
المتهمين الأمريكيين فى قضية التمويل الأجنبى، أتوقع على الفور اجتماع الجهات المعنية لمراجعة وإقرار قانون السلطة القضائية الجديد فى مدى زمنى لا يتجاوز شهرا قبل اختيار الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور وقبل الاقتراع العلنى فى الانتخابات الرئاسية، انطلاقا من تحمل حكماء هذا البلد لمسؤولياتهم فى هذه المرحلة.
فى أيدينا الآن تصحيح أوضاع ثلث السلطة الحاكمة فى مصر الثورة، وأعنى السلطة القضائية.. لا أحد يمنعنا من التصدى لهذا العبء الجسيم إلا أنفسنا، أطماعنا خلافاتنا، طموحاتنا الشخصية وصراعاتنا الضيقة.. هناك أكثر من مشروع قانون للسلطة القضائية، وهناك خلافات شكلية مفتلعة بين أجنحة نادى القضاء، كما أن هناك خلافات مصطنعة بين القضاة من جانب والمحامين نقابة وأفرادا نشطاء من جانب آخر، وكلها اختبارات لمدى فهمنا طبيعة المرحلة وإخلاصنا لهذا البلد، يمكن على أساسها الحكم على رجال العهد الحالى.. إما أن يكونوا متجردين من الهوى مغلبين المصلحة العامة أو أن يكونوا من التفاهة والصغر، لينحازوا إلى استعراضات ومكاسب وأمجاد شخصية زائفة لن تفضى بهم إلا إلى مزبلة التاريخ.
يا حكماء القضاء الجالس والقضاء الواقف.. مستقبل البلد أمامكم وهو استقلال السلطة القضائية، والفساد والمصالح الشخصية من ورائكم وعليكم أن تختاروا لكن عليكم أن تعلموا أنكم تحكمون على أنفسكم ومصائركم باختياركم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة