على الطريقة الروائية الدرامية دارت قصة النائب أنور البلكيمى، وبقدر ما فيها من مأساة، لا تخلو من كوميديا، وتداخل للجد والهزل. فقد تحولت من عملية تجميل إلى قضية سياسية ودستورية وطبية. ولا نعرف ما إذا كانت سوف تنتهى عند هذا الحد أم أنها ستسفر عن المزيد من الدراما. كل هذا بسبب قطعة «أنف»، كان يمكن أن تمر بلا أى منغصات لو كان النائب تعامل بوضوح مع نفسه ومن حوله، لكنه تحت ضغط الخجل والخوف اضطر النائب إلى الكذب، ثم المزيد من الكذب حتى أفلتت الأكاذيب من بين يديه. وبدأت القضية وانتهت كجزء من شريط سينما يصعب تصديقه، وسارت تداعياتها بسرعة وبدون توقف، بينما المشاهدون يلهثون خلف الحدث ويفاجئهم كل مشهد جديد.
قطعة أنف رأى النائب أنه يحتاج لإزالتها، أسفرت عن تداعيات سياسية وبرلمانية وقانونية واجتماعية، ومازالت تفتح باب التكهنات من كل اتجاه. القصة بدت كأنها أحد فصول الانفلات الأمنى، نائب يسير ليلاً على الطريق الصحراوى يخرج عليه ملثمون يعتدون عليه ويسرقون مائة ألف جنيه، ويفشلون فى سرقة سيارته، النائب إمعانا فى الحبكة وصف الأمر بأنه محاولة اغتيال، وكانت نسبة التصديق كبيرة لأنه ينتمى إلى حزب النور السلفى، ولا يمكن لعاقل أن تتطرق أفكاره إلى أن هناك كذبة وراء الحادث. الذى جاء فى أعقاب تعرض الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح المرشح للرئاسة لسطو مسلح على الطريق الزراعى.
تتواصل الأحداث ويدخل مدير مستشفى التجميل فى العجوزة على الخط، ليكشف عن أن النائب أجرى عملية تجميل لأنفه وانصرف وعلى وجهه الأربطة. يحاول النائب النفى لكن الأحداث تتسع من حوله، ويعجز عن ملاحقتها أو إيقافها، وينتهى الأمر إلى إجبار البلكيمى على الاستقالة من حزب النور ومن مجلس الشعب.
حزب النور تصرف بشكل حاسم وأنهى القضية دون محاولة للتملص، خاصة أنه وجد نفسه فى مواجهة فضيحة سياسية تهدد مصداقيته.
لا أحد كان يتصور أن قطعة أنف يمكن أن تقود إلى كل هذه التداعيات، فقد خجل النائب من إعلان أنه سيجرى عملية لتجميل الأنف، واحتار بين انتمائه الحزبى والسلفى الذى يحرم أو يتحفظ على عمليات التجميل، وبين رغبته فى أن يعدل من وضعية أنفه لتليق بنائب وشخصية سياسية. ربما لو كان ينتمى لحزب آخر ما شعر بخجل من تجميل أنفه.
القصة الأخرى هى الجدل الذى تداعى حول صحة إفشاء الطبيب لسر من أسرار مريضه، وهل أخطأ الطبيب أم أن الأمر يتعلق بجريمة وادعاءات، ولو التزم الطبيب بقسم حماية أسرار المرضى، لبقى الاتهام موجها إلى الأمن بالتقاعس عن حماية النواب، والسياسيين.
لقد فجر الوضع الدستورى لأنف النائب البلكيمى تداعيات، وربما يسفر عن المزيد من التطورات السياسية والدستورية.