لأن الخطوة الأولى التى خطاها الحكم فى مصر بشأن التغيير المطلوب لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير، كانت خطوة غير سليمة، ألا وهى وضع الدستور بعد إجراء انتخابات مجلسى الشعب والشورى، وجدنا أنفسنا فى هذا الطريق الأعوج غير المسبوق الذى لا شبيه له وكأن مصر خارج الكرة الأرضية. وقد بدأت خيوط هذه الدراما منذ تقرر فى الإعلان الدستورى تشكيل لجنة من مائة من أعضاء المجلسين بعد الانتخابات لوضع الدستور الجديد، وعندما راحت السكرة وجاءت الفكرة نشب الخلاف بين القوم حول كيفية تشكيل لجنة المائة هذه، وهل تكون كلها من داخل المجلسين أم تكون متنوعة ويدخلها أعضاء من خارج البرلمان ضمانا لتمثيل قوى الشعب، ووجد الإسلاميون الذين فازوا بأغلبية مقاعد البرلمان أنفسهم فى مأزق بين أن يظهروا بمظهر الديمقراطيين وهم أبعد ما يكونون عن الديمقراطية، أو يظهروا على حقيقتهم من حيث رغبتهم فى الانفراد بالأمر حتى لا يسمحوا بتغيير المسار الذى اختطوه للمستقبل بمقتضى الدستور.
أما أن وضع الدستور بعد انتخاب البرلمان أمر غير مسبوق ولا شبيه لها فيتأكد من أن دستور 1923 فى مصر أعلن فى أبريل 1923 وتمت الانتخابات فى يناير 1924، ودستور 1930 تم وضعه فى نوفمبر 1930 وتمت الانتخابات فى يناير 1931، ودستور 1956 أعلن فى يناير 1956 وتم الاستفتاء عليه فى يونية ثم جرت انتخابات مجلس الأمة فى 1957. والدستور الأمريكى تم وضعه فى عام 1787 «أى بعد أحد عشر سنة من الاستقلال» ثم جرت انتخابات الكونجرس «النواب والشيوخ»، والدستور الفرنسى وضع فى 1791 بعد عامين من الثورة ثم تمت انتخابات الجمعية الوطنية.. إلخ.
وأما إذا أردنا أن نضع دستورا يمثل أهداف ثورة يناير حقيقة فينبغى ألا يشترك فى وضعه أعضاء هذا البرلمان المنتخب، لأنهم أصبحوا أصحاب مصلحة وسوف يعملون على صياغة دستور يحقق أهدافهم طبقا لبرامجهم الانتخابية.
والحال كذلك فإن الأكثر صوابا أن يتولى وضع الدستور لجنة تأسيسية تتشكل من كل القوى السياسية فى البلاد مهما كان عددها بواقع واحد من كل منها تختاره كل قوة بمعرفتها: الأحزاب السياسية القائمة، ومنظمات حقوق الإنسان، وجماعة 9 مارس، والنقابات المهنية والعمالية، وجمعيات النشاط السياسى مثل «كفاية»، و«مصريون ضد التمييز» و»مصريون من أجل التغيير».. إلخ، والأزهر، والكنيسة. وتقوم اللجنة بانتخاب رئيس لها من بين الأعضاء، وكذا أمين السر وتشكيل لجان فرعية تتماشى مع أبواب الدستور. وهذا التنوع فى العضوية يجعل اللجنة ممثلة لكل القوى السياسية والاجتماعية، ويضمن عدم الطعن فى شعبيتها، ويضمن أن يكون ولاؤها للشعب الذى جاءت منه. ويتم إقرار المبادئ بموافقة ثلثى أصوات أعضاء اللجنة ثم يطرح الدستور للاستفتاء العام.
وفى كل الأحوال ينبغى ألا يتضمن الدستور الجديد مواد تجيز لرئيس الدولة أن يتولى السلطة التنفيذية، أو أن يضع بالاشتراك مع الوزراء السياسة العامة للحكومة فى جميع النواحى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية ويشرف على تنفيذها، أو أن له حق اقتراح القوانين والاعتراض عليها وعلى إصدارها، لأن مثل هذه المبادئ من شأنها أن تصنع الحاكم المستبد خصوصا إذا تصادف أن تكوينه الثقافى يؤهله للاستبداد. كما لا ينبغى أن تكون هناك مادة تجيز لرئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم أن يكونوا أعضاء فى مجلسى الشعب والشورى حرصا على الفصل بين السلطات.
كما لا بد من إنشاء مادة تنص على «إعادة النظر فى الدستور كل ثلاث سنوات على الأقل لكى يستوعب المتغيرات التى تحدث فى المجتمع.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محي
شعب لا يملك دستور حر لا يستحق الحياه
عدد الردود 0
بواسطة:
محايد
الدستور ومطامع التقسيم........
عدد الردود 0
بواسطة:
اسلامى وافتخر
الى رقم 1
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد محمود علوفه
خلى الضمير صاحى