الضجيج المثار حول دور الإعلام فى أزمة تأسيسية الدستور، والاتهامات الغريبة للإعلاميين لا يجب أن تنسينا مكانة الإعلام فى الدستور، بمعنى كيف يمكن أن نضمن حرية واستقلال الإعلام بل ومهنيته فى الدستور القادم؟ وكيف نضمن أن يعبر الإعلام العام والخاص عن المجتمع بكل أطيافه، ومن دون أن يتحول إلى بوق للحزب الحاكم أو يخضع لسيطرة رأس المال أو سطوة الإعلانات.
لابد من تحرك سريع لكل الإعلاميين وفاعليات المجتمع المدنى للضغط على تأسيسية الدستور لصياغة مواد واضحة فى الدستور تؤكد حرية الإعلام، وتحميه من هيمنة رأس المال والسلطة السياسية، كما تؤكد حق المواطنين فى الاتصال والمشاركة فى إنتاج الرسالة الإعلامية، فالإعلام ليس شأنًا خاصّا بالإعلاميين بل هو عملية مجتمعية، وأداة أيديولوجية، مرتبطة بالصراع السياسى والاجتماعى والاقتصادى، وبالتالى تتقاطع فيها مصالح القوى والفئات الاجتماعية، ومن ثم لا يمكن ترك شؤون الإعلام للإعلاميين ورجال القانون أو أعضاء التأسيسية، وإنما ينبغى مشاركة كل فاعليات المجتمع فى اقتراح ومناقشة مواد الدستور ذات العلاقة بالإعلام وحقوق المواطنين فى الاتصال والإعلام، مع ضمان قدرتهم على ممارسة هذه الحقوق.
لا بديل عن سرعة توحيد الإعلاميين لصفوفهم والتوافق من أجل تنظيم حوار مجتمعى فعال يمنع أغلبية التأسيسية من تجاهل أو محاصرة حرية الإعلام فى الدستور الجديد، لقد طرحت عدة مبادرات ومقترحات لإصلاح الإعلام بعد الثورة، لكنها لم تستمر وأخذت فى بعض الحالات شكل الفرقعة الإعلامية، التى سرعان ما ظهرت ثم اختفت، لكنى أعتقد أن الوقت المتاح قبل كتابة الدستور أصبح ضيقًا للغاية ومن الضرورى سرعة تنظيم جهود الإعلاميين وفاعليات المجتمع المدنى لنيل حقهم المشروع فى كتابة مواد فى الدستور تليق بمكانة الإعلام المصرى والحرية التى يستحقها. وهنا أشيد بالجهود المخلصة التى طرحت فى مؤتمر الإعلام المرئى والمسموع فى مصر، والذى عقد الأسبوع الماضى وأتاح المجال لكل الإعلاميين والأحزاب والمجتمع المدنى للمشاركة فى مناقشة رؤى مستقبلية للإعلام المصرى، وانتهى إلى مقترحات بالغة الأهمية.
أعتقد أن الدستور الجديد عليه أن يتحرر تمامًا من دستور 1971 والذى لم يتطرق إلى أوضاع الإذاعة والتليفزيون وإنما اكتفى بالصحافة المطبوعة ووسائل الإعلام من دون تحديد!! ولم يتحدث عن الإعلام كسلطة رابعة، ولم يؤكد حقوق المواطنين فى الاتصال والإعلام وحق الحصول على المعلومات، أو يضمن قدرتهم على ممارسة هذه الحقوق فعليّا، وهنا اقترح النص فى الدستور إلغاء حبس الإعلاميين والمدونين فى جرائم النشر، والتزام الدولة بتقديم الإنترنت بالمجان لكل المواطنين، وربما تبدو الفكرة الأخيرة غير ضرورية أو ملحة بالنسبة للمجتمع المصرى حاليّا، لكن الحقيقة أنها ضرورية إذا ما نظرنا للمستقبل، وللإعلام كمنظومة واحدة تشمل الصحافة والإذاعة والتليفزيون ووسائل الإعلام الجديد أو ما بات يعرف بالصحافة الإلكترونية وتليفزيون وإذاعة الإنترنت، علاوة على خدمات الحكومة الإلكترونية والتعليم عن بعد، فالدستور القادم يفترض أن يعيش سنوات طويلة ستشهد لا شك نموّا كبيرًا فى وسائل الإعلام الجديد مع تزايد التداخل والتكامل بين جميع وسائل الإعلام، وبالتالى يجب على الدستور أن يحيط بكل هذه الظواهر من خلال مبادئ عامة حاكمة تتماشى مع الاتفاقات والمعايير الدولية، وتؤكد حرية الرأى والتعبير، وتتيح ذلك نظريّا وعمليّا لكل المواطنين وبدون تمييز على أساس الدين أو العرق، أو حتى التخصص المهنى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الحق
نعم لشريعة الله, لالشريعة الإخوان والسلبيين!