يتخيل بعض إخواننا من الإسلاميين، أن معركة مدنية الدولة ضدهم، وضد تشيعهم المذهبى، لكنهم لا يدرون أن هذه المعركة لصالحهم فى الأساس، فالمدنية هى التى تحمى الجميع من أى سلطة غاشمة، وإرساء دعائم الديمقراطية هو السبيل الوحيد أمام حماية المجتمع، وضمان مبدأ تداول السلطة، فلا معنى من تطبيق «ديمقراطية الصناديق»، ونحن فى الاستبداد غارقون، فالديمقراطية فى الأساس طريقة حياة، وليست طريقة وصول إلى الحكم فحسب، ولا وجود للديمقراطية فى بلاد لا تحترم القانون، ولا تحافظ على سيادته، ولا تصون الشعب وموارده، ولا تتعامل مع الإعلام باحترام، ولا تضمن حق القارئ فى معلومة صحيحة، ورأى سديد، ولا تتمتع بالشفافية والعلنية لكل أفكار الأغلبية ومقترحاتها وتطلعاتها ونواياها، وإن كان المطلوب هو إطلاق يد الأغلبية فى أى شىء، وكل شىء، بلا ضوابط، فيجب ألا يتذمر أحد من أن نجعل مشاهدى الأفلام الجنسية فى مصر يحكمون، وذلك لأنهم «أغلبية» مطلقة بحسب إحصائيات مواقع الإنترنت، أو أن نجعل فيلم «شارع الهرم» هو المثال والنموذج للفن، بعد أن حقق أعلى إيرادات السينما المصرية فى عام «الثورة».
إذن نحن نحتاج إلى إعادة تعريف الديمقراطية، بعدما انتشرت حجة بعض إخواننا الإسلاميين التى تدعى أنهم يعانون من «ديكتاتورية الأقلية»، والتى يقصدون بها كل من يعارضهم فى وسائل الإعلام أو قاعات السياسة، وفى الحقيقة فإن نظرة تأمل واحدة، تجعلنا نشك فى معايير هؤلاء الإخوة فى الحكم، فإن أحصينا عدد زوار المواقع الإلكترونية ومشاهدى القنوات الفضائية وقراء الصحف التى تعارضهم، لتأكدنا من أنهم هم الأقلية الحقيقية، وذلك بالمقارنة بعدد نسخ صحفهم أو مشاهدى قنواتهم، ومن هنا يصبح قول بعض إخواننا الإسلاميين، بأن معارضيهم أقلية، يعد افتراء واضحا، فكيف تجتذب الأقلية عشرات الملايين بينما لا تجتذب الأغلبية إلا آلافا.
يؤسفنى أيضا أن أقول إن بعض إخواننا من الإسلاميين يسيئون استعمال حقهم باعتبارهم أغلبية، وذلك لأنهم يستعدون الشعب على بعض طوائفه، مرددين شعارات من نوعية «أنا الشعب والشعب أنا»، وهم لا يدرون أو يدرون ويتغافلون، أنهم ليسوا الشعب بأى حال، وإنما هم موظفون عند الشعب، وإن الشعب لم يمنحهم توكيلا على بياض للاستبداد بالرأى والحكم، وإن الفرصة الكاملة التى يطالبون بالحصول عليها، قد حصلوا عليها بالفعل، بدليل وجودهم فى غرف صناعة القرار، وجلوسهم على مقاعد الحكم، إلا إذا كانوا يريدون الفرصة الكاملة للاستبداد بمصر، وتدمير بنيتها السياسية والاجتماعية، فهذا شىء آخر، كما ينسون أن معارضيهم جزء من هذا الشعب، وإن عدم احترام المعارضة هو عدم احترام خالص للشعب بكل طوائفه وفئاته.
إن التباهى بالعدد وحده يخلق ديكتاتورية جديدة، فالأنبياء والمصلحون والفلاسفة والعلماء والشعراء والعباقرة، إذا ما طبقنا عليهم مقولات إخواننا الإسلاميين، سنجدهم أقلية وبنفس المنطق لكان من حق الملك مثلا أن يبيد جماعة الإخوان المسلمين فى مهدها باعتبارها أقلية، لا تعبر عن الشعب، أو من حق جمال عبد الناصر أن يبيد اليساريين والإخوان المسلمين، بحجة أنهم أقلية لا تمثل الشعب، لذلك فإنى أرى أن حرب الإخوان المسلمين على الإعلام والإعلاميين دليل ضعف وعجز عن حل المشكلات، واستسهال واضح لأسلوب الردح فى الحارات، وتقسيم للمجتمع إلى شيع وكانتونات، وهذا ما لن يتم بإذن الله، لأن التاريخ علمنا أن مصر أمة واحدة، لا يقدرعلى أن يفرق بين أبنائها الزمن، لأننا فى رباط إلى يوم الدين لو حقا يؤمنون.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال عبد الناصر
لو
لو كانوا حقا مؤمنون
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
الى الكاتب
معلش انت مين ايها السمرى انا معرفكش
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmad abdelaziz
حكم الأغلبية
عدد الردود 0
بواسطة:
محي
دستور الحريه
عدد الردود 0
بواسطة:
عادل حسن
ليس هناك خلط للأوراق لأنه يقول الحقيقة
عدد الردود 0
بواسطة:
N.ELDIB
HISTORY
عدد الردود 0
بواسطة:
عصام البنا
دستور الحرية
عدد الردود 0
بواسطة:
جابر مرزوق
شعبية الأخوان
عدد الردود 0
بواسطة:
محي
دستور الحريه...........
عدد الردود 0
بواسطة:
محي
ارجوا من السامري الكتابه فيما يفيد: