التقيت أحد الإخوة السوريين قادمًا من دمشق الأسبوع قبل الماضى، ومن رؤيته للواقع فإن الحرب الأهلية بدأت، صحيح أنها لم تصل إلى دمشق ولا إلى حلب، لكنها قائمة فى معظم المدن، دليل محدثى أن المواطنين السنِّيين لم يعد بإمكانهم دخول المناطق أو الأحياء العلوية فى المدن.. والعكس صحيح، وأن هناك حوادث عنف وقتل مذهبى فى المدن بين السنيين والعلويين.. أما دمشق فإن أحدًا لم يعد بمقدوره أن يمشى فى الشارع بعد الثامنة مساء، خوفًا وحذرًا.
الشعب السورى يعيش محنة حقيقية، حكمًا مستبدّا ودمويّا إلى أبعد الحدود، والمعارضة منقسمة فيما بينها، معارضة الداخل ومعارضة الخارج.. معارضة سلمية ومعارضة مسلحة، وإلى جوار ذلك موقف عربى ضعيف للغاية وموقف دولى مهتز، ويتلاعب النظام بهذا كله، وكما كان مبارك يردد: «أنا أو الفوضى» كذلك يفعل بشار: «أنا أو الحرب الأهلية».
قلت من قبل إن سوريا ليس لديها نفط العراق ولا نفط ليبيا، ومن ثم فلا إغراء أمام أمريكا أو الاتحاد الأوروبى للتدخل، وفى العموم نحن لا نريد ولا نحب تدخلاً عسكريّا.. وظهر فى الصورة الإسلام السياسى وجماعة الإخوان المسلمين فى سوريا، وهذا الظهور يثير قلق إسرائيل وهى دولة حدودية بالنسبة لسوريا، وجدت الهدوء والأمان فى النظام الحالى بسوريا، فضلاً على أن التركيبة الديموجرافية فى سوريا ليست مثل مصر ولا مثل تونس، أى لا تحتمل هذا الظهور المكثف للإسلام السياسى.
المواطن السورى يدفع فاتورة هذا كله، ومن بينه الصراع بين روسيا والصين من جانب، والولايات المتحدة من جانب آخر.. روسيا إذا فقدت النظام السورى فإنها تفقد آخر موقع لها فى المنطقة، إيران وحزب الله يقاتلان من أجل بقاء النظام السورى لأنه داعم لهما وسند استراتيجى مهم.. وفى هذا كله لا أحد يتساءل: ماذا عن حق المواطن والشعب السورى فى أن يعيش بحرية وديمقراطية؟ القمع الذى كان يتم تبريره سنوات الستينيات والسبعينيات لم يعد له مبرر الآن، ولا يمكن قبوله ولا الصمت عليه تحت أى مسمى.
النظام السورى لا يتعلم ولا يريد أن يتراجع عن القبضة الأمنية، والمحصلة النهائية نزيف دموى يوميّا فى المدن السورية.. الجيش السورى يتم دفعه إلى مواجهات يومية مع مواطنين، وحرب مدن داخل سوريا، ليتحول من جيش وطنى إلى جيش قمع وترويع للمواطنين.. من يحل هذه المعضلة؟!
حين يبدأ النظام فى قتل مواطنين فلا سبيل للمصالحة معه بعد ذلك، لذا فإن حرب الاستنزاف قد تطول فى سوريا وأمام استمرارها قد يحدث تدخل دولى بشكل أو بآخر، لا نحبه ولا نريده لسوريا.. والبديل للتدخل الدولى أن يتحول النظام السورى ويصبح نظامًا ديمقراطيّا وإصلاحيّا، وهذا أمر بالغ الصعوبة بعد سيل الدماء التى نزفت، أو أن تتوحد المعارضة السورية على هدف واحد ومشروع واحد، وأن تراجع هذه المعارضة أساليبها وخططها فى الفترة الأخيرة.
السيناريو الأسوأ أن تعيش سوريا حربًا أهلية، وستكون حربًا مذهبية وطائفية بامتياز، وإذا حدث ذلك - لا قدر الله - فإنها قد تجر المنطقة إلى مناخ مذهبى بغيض، وتقسم العالم الإسلامى والعربى إلى جناحين متصارعين، نلمح من اليوم بذوره تلقى فى المنطقة، صعود الإسلام السياسى «السنى» من المغرب حتى الأردن بإزاء «هلال شيعى» من إيران إلى حزب الله، ترى هل نتذكر إشارات حسنى مبارك وملك الأردن من قبل إلى الهلال الشيعى؟!
هل نجلس نترقب حدوث الكارثة، كما حدث فى العراق من قبل، أم مازال ممكنًا الوصول إلى حل؟!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام السوري
مجلس " التهاون " الخليجي
عدد الردود 0
بواسطة:
drdoora
يا رب اهدي سوريا واهلها للحق والسلام
يا رب اهدي سوريا واهلها للحق والسلام
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد السوري
اتقى الله يا حسام !!