جمال أسعد

انتخابات فتوة الجمهورية

الثلاثاء، 10 أبريل 2012 10:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ 19 مارس 2011 وخطة طريق رسمت الطريق الخطأ للانتقال من المرحلة الاستثنائية ما بعد سقوط مبارك بهدف إحلال التيار الإسلامى بل قل جماعة الإخوان المسلمين بدلاً من الحزب الوطنى المنحل، ونحن نعيش فى معارك متجددة على مدار الساعة، وفقدان الثقة أصبح العلامة المميزة لأى حراك سياسى وفوضى غير خلاقة فككت أوصال الدولة، وأسقطت هيبتها حتى إن الجميع يتعامل الآن فى ظل غياب القانون وسقوط الأخلاق بمبدأ القوة، والقوة وحدها، حتى أصبحت مصر الآن ليست الدولة التى هى أقدم دولة فى التاريخ ولا هى مفتاح التاريخ وبوابة الحضارة، ولا فجر الضمير، ولكن كأن مصر الآن تعيش عصر ما قبل الحضارة وما قبل الدولة.
وقد ظهر هذا السلوك المتخلف منذ اللحظة الأولى نتيجة للتعامل بمبدأ الاستحواذ على كل شىء لمن هو قادر على الاستحواذ، فأصبحت المصلحة الذاتية أهم من المصلحة العامة، والمكاسب الحزبية على حساب تحقيق الثورة المجهضة، وتحقيق الأهداف التنظيمية أسمى وأجل من تحقيق أهداف الوطن، لأن الجماعة أهم من الشعب المصرى جميعه، وهذا المشهد وذلك السلوك قد ذكرنى بنظام الفتوات ومبدأ الفتونة الذى أرخ له الأديب نجيب محفوظ فى أدبه فكان الفتوة الذى يملك القوة الجسدية ويملك الرجال من البلطجية الذين كانوا يفرضون سطوة الفتوة على كل الحى ظلما وقهرا ورعباً وإتاوة، وكله بالفتونة، وبلىّ الذراع ويسقط القانون. ولذا من الواضح أن نظام الفتونة هذا كان قد قبع فى الضمير الجمعى المصرى حتى إنه يظهر عند اللزوم وفى كل المستويات فقد كان هذا الأسلوب عند استفتاء 14 مارس 2011 وكانت الفتونة باسم الدين والجنة لأتباع الفتوة والنار لخصومه. وتكرر هذا بفجاجة أكبر عند انتخابات مجلسى الشعب والشورى ومازال العرض مستمرا فى تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، وإذا كان الفتوة يعتمد على عضلاته لتحقيق أهدافه غير المشروعة فالآن يعتمد على استغلاله للدين، وهذا ليس غير مشروع فقط، ولكنه إساءة لجلال الدين وإهدار لقيمه العظيمة. ثم خرج علينا الفتوة بصورة أكثر وضوحاً وبطريقة مباشرة وبلا رتوش أو مكياج وذلك فى معركة فتوة الجمهورية أقصد رئاسة الجمهورية فلا برامج سياسية واضحة يتم الحوار حولها مع جمهور الناخبين، ولامناظرات سياسية بين المرشحين حتى يتعرف الناخب على المرشح الأصلح الذى يمكن أن يختاره ولكن كان وما زال استعراض عضلات المرشح اعتماداً على مؤيديه الذين خلطوا بين تأييده وبين الدين ذاته، حتى إنهم قد أعلنوا أن مرشحهم أو الشهادة. ولذا فلا غرابة عندما شاهدنا جمهور هذا المرشح وهم يعتدون على المتنافسين معهم سياسياًَ، ولا غرابة من أن يعتدى هؤلاء على سيارة إحدى القنوات الفضائية وفريق العمل بحجة أنهم كفار، والأغرب أن هذا المرشح وأتباعه يخرجون شاهرين سيوف قوتهم العددية تحت شعارات دينية، مصرين على موقف غير قانونى إذا ثبتت صحته، وهو حصول والدة هذا المرشح على جنسية دولة أخرى، فهل مواجهة هذا الموقف تتم من خلال القوة وفرض الرأى وتحقيق الهدف عن طريق القوة والتهديد أم بالقانون وبالوثائق والمستندات؟ وإذا كان هذا سلوك المرشح وقناعاته فماذا سيكون هذا السلوك بعدما يصبح، لا سمح الله، رئيساً للجمهورية؟ هذا وناهيك عمن يفرض رأيه ويحقق مطالبه بكل الطرق غير الشرعية وغير المشروعة وغير القانونية. وكأن الكذب هذا لا يحاسب عليه هؤلاء فلهم عصمة دينية وحصانة سماوية ولم لا وهم حماة الدين؟!.. ولا مانع من صفقات واتفاقات لمصالح ذاتية وحزبية، وكله على حساب الوطن والثورة والشعب، والغريب أن كل هذا يتم بادعاء حماية الوطن والثورة. والأهم مهما تصور هذا الفتوة وهؤلاء الفتوات أن استعراض القوة أو الحصول على الأغلبية يعطيهم الحق فى فرض ما يريدون بغير قانون ويحققون ما يطلبون بالقوة. فليعلموا أن الشعب الآن لا يخاف ولا يهاب ولن تعود الساعة للوراء، ومهما حدث ستظل مصر لكل المصريين.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة